وفي فحوى هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ التعجب، ألا ترى أن المعنى: ما أشدّ استكبارهم؟ وما أكبر عتوّهم، وما أغلى نابا بواؤها كليب.
[(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والناب: ناقة بسوس، رماها كليبٌ فقتلها، فشكت إلى جساس، فقال: لأقتلن غداً فحلا هو أعظم من ناقتك، فبلغ ذلك كليباً، فظن أنه فحله المسمى بغليان، فقال: دون غليان خرط القتاد، وكان جساسٌ يعني بالفحل نفس كليب. ذكره الميداني.
أبأنا: أي: قابلنا من البوء، وهو التساوي في القصاص، وأباته بفلانٍ: إذا قتلته به. والبوء في القود: مهموزٌ، أي: ما أغلى ناباً بواؤها كليب، فلما قتل مهلهلٌ بجيراً قال: بؤ بشسع نعل كليب.
قوله: (وفي فحوى هذا الفعل)، الجوهري: الفحوى: معنى الكلام ولحنه.
الأساس: عرفت ذلك في فحوى كلامه: أي: فيما تنسمت من مراده بما تكلم، وأفحيته: خاطبت ففهمت مراده، ونحو اللحن.
وهذا الذي ذكره قريبٌ من الاصطلاح، لأن إفادة هذا التركيب معنى التعجب مفهومٌ موافقٌ للخطاب، فإن ناقةً يكون مثل كليبٍ بواؤها مما يتعجب منها، ونحوه قوله تعالى: ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ [الصف: ٣] أي: ما أكبر المقت!


الصفحة التالية
Icon