(يَوْمَ يَرَوْنَ) منصوب بأحد شيئين: إما بما دل عليه (لَا بُشْرى)، أي: يوم يرون الملائكة يمنعون البشرى أو يعدمونها. و (يَوْمَئِذٍ) للتكرير. وإما بإضمار "اذكُرْ"، أى: اذكر يوم يرون الملائكة ثم قال (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ).
وقوله (للْمُجْرِمِينَ) إما ظاهر في موضع ضمير، وإما لأنه عام، فقد تناولهم بعمومه (حِجْراً مَحْجُوراً) ذكره سيبويه في باب المصادر غير المتصرفة المنصوبة بأفعال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿يَوْمَ يَرَوْنَ﴾: منصوبٌ بأحد شيئين)، الوجهان ذكرهما الزجاج، ثم قال: لا يجوز أن ينتصب ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ﴾ بقوله: ﴿لَا بُشْرَى﴾، لأن ما اتصل بـ "لا" لا يعمل فيما قبله.
وقال صاحب "الفرائد": يمكن أن يكون منصوباً بـ "ينزل" المضمر لقولهم: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ﴾، كأنه قيل: ينزل الملائكة يوم يرونهم، و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾: منصوبٌ بقوله: ﴿لَا بُشْرَى﴾، لا يقال: كيف يكون وقت الرؤية وقتاً للإنزال، لأنا نقول: الظرف يحتمل ذلك لسعته. ولما كان قوله: ﴿لَا بُشْرَى﴾ صح أن يكون عاملاً فلا وجه لجعل مدلوله عاملاً. وقلت: قول صاحب "الفرائد" لا مزيد عليه، لأنه إذا انتصب بـ "ينزل" التأم الكلامان، لأن قوله: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ﴾، وقوله: ﴿وَقَدِمْنَا﴾ نشرٌ لقوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ﴾، وقوله: ﴿أَوْ نَرَى﴾ كما سيجيء إن شاء الله.
قوله: (﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾ إما طاهرٌ في موضع ضمير، وإما لأنه عامٌ)، قال القاضي: ﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾ إما عامٌ يتناول حكمه حكمهم من طريق البرهان، ولا يلزم من نفي البشرى لعامة المجرمين حينئذٍ نفي البشرى بالعفو والشفاعة في وقتٍ آخر. وإما خاضٌ ووضع موضع ضميرهم تسجيلاً على جرمهم وإشعاراً بما هو المانع للبشرى، والموجب لما يقابلها.
قوله: (في باب المصادر غير المتصرفة)، أي: التي لا تستعمل إلا منصوبةً على المصدر،


الصفحة التالية
Icon