جاءت هذه الصفة لتأكيد معنى الحجر، كما قالوا: ذيل ذائل، والذيل: الهوان؛ وموت مائت. والمعنى في الآية: أنهم يطلبون نزول الملائكة ويقترحونه، وهم إذا رأوهم عند الموت أو يوم القيامة كرهوا لقاءهم وفزعوا منهم، لأنهم لا يلقونهم إلا بما يكرهون، وقالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدوّ الموتور والشدة النازلة. وقيل: هو من قول الملائكة ومعناه: حراما محرما عليكم الغفران والجنة، أو البشرى، أي: جعل الله ذلك حراما عليكم.
[(وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)].
ليس هاهنا قدوم ولا ما يشبه القدوم، ولكن مثلت حال هؤلاء وأعمالهم التي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ذيل ذائل)، قال في "الأساس": يقال: أذاله: أهانه، وذال بنفسه، وهو في ذيلٍ ذائل، أي: في هوانٍ شديد، وهو في موتٍ مائت أي: شديد.
قوله: (وقيل: هو من قول الملائكة)، فعلى هذا: ﴿وَيَقُولُونَ﴾ حالٌ من "الملائكة" على تقدير: وهم يقولون، وعلى الأول: عطفٌ على ﴿يَرَوْنَ﴾.
قوله: (وقيل: هو من قول الملائكة)، فعلى هذا: ﴿وَيَقُولُونَ﴾ حالٌ من "الملائكة" على تقدير: وهم يقولون، وعلى الأول: عطفٌ على ﴿يَرَوْنَ﴾.
قوله: (ليس هاهنا قدومٌ ولا ما يشبه القدوم)، فإن قلت: في قوله: "ولا ما يشبه القدوم"، بعد قوله: "ليس هاهنا قدوم" إيماءٌ إلى أن ﴿وَقَدِمْنَا﴾ في الآية ليس على حقيقته، ولا استعارةً، لأن نفي التشبيه يستدعي ذلك، فإن الاستعارة مجازٌ مسبوقٌ بالتشبيه، ثم أخذ في بيان طريق الاستعارة التي هي التشبيه قائلاً: "مثلت حال هؤلاء" إلى قوله: "بحال قوم خالفوا سلطانهم"، فما معنى هذا الكلام؟
قلت: معنى قوله: "لا يشبه القدوم"، أنك إذا جعلت هذا القدوم استعارةً لم يجز أيضاً أن تجريه على حقيقته في الممثل به أيضاً مجازاً، لأن المراد مجرد القصد إلى إفساد ما يملكونه، ألا ترى كيف فسر قوله: "فقدم إلى أشيائهم" بقوله: "وقصد إلى ما تحت أيديهم".
قال في "الأساس": قدم من سفره، وقدم البلد، وقدم على قومه، وهؤلاء القادمون، ومن المجاز: وإنك لقادمٌ على عملك.


الصفحة التالية
Icon