بالمناصبة وفزعوا إلى المحاربة، ثم قالوا: هلا نزل جملة واحدة! كأنهم قدروا على تفاريقه حتى يقدروا على جملته (وَرَتَّلْناهُ) معطوف على الفعل الذي تعلق به (كَذَلِكَ)، كأنه قال: كذلك فرقناه ورتلناه. ومعنى ترتيله: أن قدره آية بعد آية، ووقفة عقيب وقفة. ويجوز أن يكون المعنى: وأمرنا بترتيل قراءته، وذلك قوله: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل: ٤]، أي: اقرأه بترسل وتثبت. ومنه حديث عائشة في صفة قراءته صلى الله عليه وسلم: لا كسردكم هذا، لو أراد السامع أن يعدّ حروفه لعدّها. وأصله: الترتيل في الأسنان: وهو تفليجها. يقال: ثغر رتل ومرتل، ويشبه بنور الأقحوان في تفليجه. وقيل: هو أن نزله مع كونه متفرقا على تمكث وتمهل في مدة متباعدة وهي عشرون سنة، ولم يفرقه في مدة متقاربة. (وَلا يَاتُونَكَ) بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة - كأنه مثل في البطلان - إلا أتيناك نحن بالجواب الحق الذي لا محيد عنه وبما هو أحسن معنى ومؤدّى من سؤالهم. ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام، وضع موضع معناه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بالمناصبة)، الأساس: نصبناهم حرباً، وناصبناهم مناصبةً، ونصبت لفلانٍ: عاديته نصباً.
قوله: (ومعنى ترتيله: أن قدرة آية بعد آية)، الراغب: الرتل: اتساق الشيء وانتظامه على استقامةٍ، يقال: رجلٌ رتل الأسنان، والترتيل: إرسال الكلمة من الفم بسهولةٍ واستقامة. قال عز وجل: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤].
قوله: (لا كسردكم)، النهاية: وفي صفة كلام رسول الله - ﷺ -: لم يكن يسرد الحديث سرداً، أي: يتابعه، ويستعجل فيه.
قوله: (ولما كان التفسير هو: التكشيف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه)،


الصفحة التالية
Icon