أو: لا يأتونك بحال وصفة عجيبة، يقولون: هلا كانت هذه صفتك وحالك، نحو: أن يقرن بك ملك ينذر معك، أو يلقى إليك كنز، أو تكون لك جنة، أو ينزل عليك القرآن جملة، إلا أعطيناك نحن من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا ومشيئتنا أن تعطاه، وما هو أحسن تكشيفا لما بعثت عليه ودلالة على صحته، يعنى: أن تنزيله مفرقا وتحدّيهم بأن يأتوا ببعض تلك التفاريق كلما تزل شيء منها: أدخل في الإعجاز وأنور للحجة من أن ينزل كله جملة ويقال لهم: جيئوا بمثل هذا الكتاب في فصاحته مع بعد ما بين طرفيه، كأنه قيل لهم: إن حاملكم على هذه السؤالات أنكم تضللون سبيله وتحتقرون مكانه ومنزلته. ولو نظرتم بعين الإنصاف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكسر التاء وفتحها، وأصل التاء فيهما هاءٌ، وإنما صارت تاءً في الوصل. وحكى أبو عبيدة: كان من الأمر كيه وكيه بالهاء، ويقال: كيهه، كما يقال: لمه، في الوقف.
قوله: (أو لا يأتونك بحالٍ وصفةٍ)، عطفٌ على قوله: "ولا يأتونك بسؤالٍ عجيب".
قوله: (كأنه قيل لهم: إن حاملكم على هذه السؤالات)، إشارةٌ إلى أن المراد بقوله: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾ القوم الذين أوردوا هذه الأسئلة على سبيل التعنت في قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فوضع المظهر موضع المضمر إشعاراً بتوهينهم، وتحقيراً لشأنهم، قال القاضي: وهو ذمٌ منصوب، أو مرفوعٌ، أو مبتدأٌ خبره ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾، والمفضل عليه هو الرسول - ﷺ -.
قوله: (ولو نظرتم بعين الإنصاف)، أي: هو من باب الكلام المنصف وإرخاء العنان، فصل قوله: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾ عما قبله استئنافاً، لأنه تعالى لما قال لرسوله صلوات الله عليه مسلياً: ﴿وَلَا يَاتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ حرك منه صلوات الله عليه بأن يسأل: فإذن بماذا أجيبهم وما يكون قولي لهم؟ قيل: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾


الصفحة التالية
Icon