..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعني: مقصودكم عن هذا التعنت تحقير مكاني، وتضليل سبيلي، وما أقول لكم: أنتم كذلك، بل أقول: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ الآية. فانظروا بعين الإنصاف، وتفكروا: من الذي هو أولى بهذا الوصف منا ومنكم، ليعلموا أن مكانكم شرٌ من مكاننا، وسبيلكم أضل من سبيلنا.
وعليه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] يبعثهم على الفكر في حال أنفسهم وما هم عليه من العنت والفساد، وحال نفسه والمؤمنين وما هم عليه من الإصلاح، ليعلموا أن المؤمنين على هدى، وهم على ضلال.
فالمكان على هذا التفسير: المنزلة، و ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾: مبتدأ، و ﴿أُولَئِكَ﴾: خبره، والجملة مستأنفةٌ، و ﴿شَرٌّ﴾ و ﴿أَضَلُّ﴾ محمولان على التفضيل، ولذلك قال: "وفي طريقته: قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٦٠] لمجيء متعلق "شر" و ﴿قُلْ﴾ منصوصاً فيه، وأن المثوبة مفسرةٌ، بالعقوبة على زعمهم ودعواهم.
وأما معنى الأفضلية فهو كما قال: كان اليهود- لعنوا- يزعمون أن المسلمين ضالون، مستوجبون للعقاب، فقيل لهم: من لعنه الله شرٌ عقوبةً في الحقيقة واليقين من أهل الإسلام في زعمكم ودعواكم، وإلى هذا المعنى أشار هاهنا بقوله: "إنكم تضللون سبيله وتحتقرون مكانه"، فقوله: "ويجوز أنه يراد بالمكان: الشرف والمنزلة، إلى آخره، ليس بوجهٍ آخر، ولكنه مبنيٌ على قوله: "وتحتقرون مكانه ومنزلته"، يعني: هذا المكان يجوز أن يحمل على الشرف والمنزلة كما سبق، وعلى الدار والسكن أيضاً، والتأويل التأويل.
قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: ليس المراد أن مكانهم شرٌ من مكانه، وسبيلهم أضل من سبيله، والمراد أن مكانهم، وهو جهنم، فيه كل الشر، وسبيلهم في الضلالة في غاية الكمال، كأنه قيل: لا مكان شرٌ من مكانهم، وهو جهنم، ولا سبيل أضل من سبيلهم، وهو


الصفحة التالية
Icon