..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والخبر: ﴿هَوَاهُ﴾. وتقديم الخبر كما علمت يفيد الحصر، فكأنه قال: أرأيت من لم يتخذ معبوده إلا هواه؟ وذلك أبلغ في ذمه وتوبيخه.
وقال صاحب "الفرائد": تقديم المفعول الثاني يمكن، حيث يمكن تقديم الخبر على المبتدأ، والمعرفتان إذا وقعتا مبتدأ وخبراً فالمتقدم هو المبتدأ، فقوله: كما تقول: علمت منطلقاً زيداً، ليس بسديد، ويمكن أن يقال: المتقدم هاهنا يشعر بالثبات، بخلاف المتأخر، فتقديم ﴿إِلَهَهُ﴾، على ﴿هَوَاهُ﴾.
وقلت: لا يشك في أن مرتبة المبتدأ التقديم، وأن المعرفين أيهما قدم فهو المبتدأ، لكن صاحب المعاني لا يقطع نظره من أصل المعنى، فإذا قيل: زيدٌ الأسد، فالأسد هو المشبه به أصالةً، ومرتبته التأخير عن المشبه بلا نزاع، فإذا جعلته مبتدأ في قولك: الأسد زيدٌ، أزلته عن مقره الأصلي للمبالغة، وما يعني بالمقدم إلا المزال عن مكانه، لا القار فيه، فالمشبه به هاهنا: الإله، والمشبه: الهوى، لأنهم نزلوا أهواءهم في المتابعة منزلة الإله، وإليه الإشارة بقوله: "اتخذ الهوى إلهاً"، فقدم المشبه به الأصلي، وأوقعه مشبهاً، ليؤذن بأن الهوى في باب استحقاق العبادة لها أقوى من الإله تعالى، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، ولمح صاحب "المفتاح" إلى هذا المعنى في كتابه. وإنما قال المؤلف: "ما هو إلا تقديم المفعول" على الحصر، لئلا يتوهم متوهمٌ خلافه، وأما المثال الذي أورده صاحب "الفرائد" فمعنى قوله: اتخذ ابنه غلامه، جعل ابنه كالغلام يخدمه في مهنة أهله، وقوله: اتخذ غلامه، ابنه جعل غلامه ابنه مكرماً مدللاً.


الصفحة التالية
Icon