بالفتح. وسقى، وأسقى: لغتان. وقيل: أسقاه: جعل له سقيا. الأناسي: جمع إنسي، أو إنسان. ونحوه ظرابي في ظربان، على قلب النون ياء، والأصل: أناسين وظرابين. وقرئ بالتخفيف بحذف ياء أفاعيل، كقولك: أناعم، في: أناعيم. فإن قلت: إنزال الماء موصوفا بالطهارة وتعليله بالإحياء والسقي يؤذن بأن الطهارة شرط في صحة ذلك، كما تقول: حملني الأمير على فرس جواد لأصيد عليه الوحش. قلت: لما كان سقى الأناسى من جملة ما أنزل له الماء، وصفه بالطهور إكراما لهم، وتتميما للمنة عليهم، وبيانا أن من حقهم حين أراد الله لهم الطهارة وأرادهم عليها أن يؤثروها في بواطنهم ثم في ظواهرهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ونحوه: ظرابي)، الجوهري: هي دويبةٌ كالهرة منتنة الريح، يقال: ظربى على فعلي هو جمعٌ، مثل: حجلى جمع، حجل، وربما مد وجمع على ظرابي، مثل: حرباء وحرابي، كأنه جمع ظرباء.
وقال الزجاج: "أناسي": جمع إنسي، ككرسي وكراسي، أو جمع أناسين، كسراحين وسرحان.
قوله: (إنزال الماء موصوفاً بالطهارة)، يعني: لا شك أن في إنزال الماء من السماء لأجل إحياء الأرض، وسقي الأنعام مناسبةً، وأي مناسبةٍ لطهورية الماء في هذا المعنى؟ وأجاب: أن أجل تلك العلل سقي الأناسي، وأنه هو المقصود الأولى، فيجب امتيازه عن سائرها بما يختص بهم، وأشرف الغرض في الإنعام عليهم تعرضهم لما يفوزون به على السعادة العظمى، والحياة الأبدية من العبادة، وهي لا تحل إلا بطهارة الظاهر والباطن، فعلى المكلف أن يتعرف شكر هذه النعمة بقلبه، ويظهر أثره على جوارحه، وإليه الإشارة بقوله: "أن يؤثروها في بواطنهم ثم في ظواهرهم".
قوله: (وأرادهم عليها)، الأساس: وأراده على الأمر: حمله عليه.