وصليانا بردا
يريد: باردا: فإن قلت: (وَحِجْراً مَحْجُوراً) ما معناه؟ قلت: هي الكلمة التي يقولها المتعوذ، وقد فسرناها، وهي هاهنا واقعة على سبيل المجاز، كأن كل واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه ويقول له: حجرا محجورا، كما قال: (لا يَبْغِيانِ) [الرحمن: ٢٠] أي: لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة، فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ هاهنا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نبتٌ. والصليان: بقلةٌ، وهي فعليان، الواحدة صليانةٌ. والعنكث أيضاً: نبتٌ. والتبدت الشجرة: كثر أوراقها.
وقال الشارخ: زعمت الأعراب في ضرب أمثالها على لسان البهائم. أن الضفدع كان ذا ذنب، وأن الضب سلب ذنبه، وذلك أنهما خاطرا في الظمأ أيهما أصبر، وكان الضب ممسوح الذنب، فخرجا في الكلأ فصبر الضب يوماً، فناداه الضفدع: يا ضب ورداً ورداً، فقال الضب: أصبح قلبي صرداً، إلى أخره، فناداه في اليوم الثاني فأجابه كما أجابه في اليوم الأول، فلما كان الثالث ناداه فلم يجبه، وبادر الضفدع إلى الماء، فتبعه الضب وأخذ ذنبه.
قوله: (وقد فسرناها)، أي: قلنا في أول السورة، إن معناه سؤال الرجل من الله تعالى أن يمنع منه ما يخاف منه فيتعوذ منه قائلاً: ﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾، كقول السامري: ﴿لَا مِسَاسَ﴾ [طه: ٩٧]، ومعلومٌ أن هذا الجعل يعني قوله: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ لا يكون حقيقةً، فقوله: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا﴾ كقوله تعالى: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: ٢٠]، كما أن ﴿لَا يَبْغِيَانِ﴾ هناك بمعنى: لا يبغي أحدهما على صاحبه مجازاً، لأن إثبات البغي ونفيه لا يتصور إلا فيما يصح وصفه بالبغي، كذلك قول: حجراً محجوراً، لا يكون إلا فيما يصح منه القول.