[(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً)].
الظهير والمظاهر، كالعوين والمعاون. وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز. والمعنى: أنّ الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة والشرك. روي: أنها نزلت في أبي جهل. ويجوز أن يريد بالظهير: الجماعة، كقوله: (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم: ٤]، كما جاء: الصديق والخليط. ويريد بالكافر: الجنس، وأنّ بعضهم مظاهر لبعض على إطفاء نور دين الله. وقيل: معناه: وكان الذي يفعل هذا الفعل - وهو عبادة ما لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك أفرد الضمير في "جعله". قال القاضي: ﴿بَشَرًا﴾: ذا أعضاءٍ مختلفة، وطباع متباينة، وجعله قسمين متقابلين.
وقلت: الماء في قوله: ﴿خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا﴾ مطلقٌ دل على شائع في جنس الماء، فتقييده بقوله: ﴿بَشَرًا﴾ دل على أن المراد منه النطفة الواحدة، ثم تقسيمه بقوله: ﴿نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ دل على نوعين: ذكرٍ وأنثى، وإنما عدل عن الذكر والأنثى، ليؤذن بالانشعاب نصاً فالنطفة الواحدة نطفة آدم عليه السلام، فإذن الآية على وزان قوله تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١]
قوله: (ويجوز أن يريد بالظهير: الجماعة)، قال في سورة يوسف: "يجوز أن يقال: هم نجيٌّ، كما قيل: هم صديقٌ، لأنه بزنة المصادر"، ومنه قولهم، وجيفٌ ووجيب.
قوله: (وقيل: معناه: وكان الذي يفعل هذا الفعل)، عطفٌ على قوله: "إن الكافر يظاهر الشيطان"، والجملة على التقديرين تذييلٌ لما يتضمن الكلام السابق من المعنى، فعلى الأول: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ إخبارٌ عن استعظام ما ارتكبوه من عبادة غير الله، ثم أكد ذلك بأن عادة الكافر أن يظاهر الشيطان، وعلى الثاني، الكلام نعى عليهم سواء أفعالهم، وأنهم


الصفحة التالية
Icon