يموتون. وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق. ثم أراه أن ليس إليه من أمر عباده شيء، آمنوا أم كفروا، وأنه خبير بأحوالهم كاف في جزاء أعمالهم.
[(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً)].
(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ): يعني: في مدة مقدارها هذه المدّة، لأنه لم يكن حينئذ نهار ولا ليل. وقيل: ستة أيام من أيام الآخرة، وكل يوم ألف سنة. والظاهر أنها من أيام الدنيا. وعن مجاهد: أوّلها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة. ووجهه أن يسمى الله تعالى لملائكته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الأحياء الذين يموتون، فإنهم إذا ماتوا ضاع المتوكل، ولهذا قال: "لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق"، أو نقول: إن التركيب من باب ترتيب الحكم على الوصف المناسب، وهو أن المتوكل إذا علم أن المتوكل عليه دائمٌ باقٍ يعتمد عليه بشرا شره، ولا يتوزع خاطره إلى الغير بخلافه إذا لم يكن كذلك، فإذاً لا يصح التوكل إلا على الحي الذي لا يموت، وهو الله تعالى، فصح الحصر.
قوله: (ثم أره أن ليس إليه من أمر عباده شيءٌ)، يعني أمر رسوله - ﷺ - أولاً أن يفوض أموره إلى الحي الذي لا يموت، ويستكفي به من شرور الأعداء، ثم أعلمه ثانياً بأنه كافٍ في دفع أعدائه يكافيهم فيما يحاولونه من العداوة، يعني: أن الله تعالى كافي أمورك، وأمور أعدائك.
قوله: (ووجهه)، أي: وجه قول مجاهد، وذلك أن الأيام عبارةٌ عن حركات الشمس في السموات، وقبل السموات لا أيام، فلا يسمى بالأحد ولا بالجمعة، لكن الله تعالى قدر المدة قبل السموات، ثم خلق السموات والشمس وأدارها عليها، ورتب أمر العالم على ما هو عليه في مقدار مدةٍ هي مدة ستة أيام من أيام الدنيا، وسمى لملائكته الحاضرين تلك الأيام المقدرة بالأحد والاثنين والجمعة.