أراد: آية ملجئة إلى الإيمان قاصرة عليه. (فَظَلَّتْ) معطوف على الجزاء الذي هو (نُنَزِّلْ)، لأنه لو قيل: أنزلنا، لكان صحيحا. ونظيره: (فَأَصَّدَّقَ وأَكُن) [المنافقون: ١٠]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (آيةً ملجئةً إلى الإيمان)، عن بعضهم: الآية عند أهل السنة غير ملجئةٍ كما قالت المعتزلة، لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾ إلى قوله: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ [الأنعام: ١١١]، والآيات من الله ليست بعلةٍ للإيمان، وإنما هي أسبابٌ توجب الاعتبار على سبيل الاختيار، وفيه بحثٌ. قال الواحدي: أعلم الله تعالى أنه لو أراد أن ينزل ما يضطرهم إلى الطاعة لقدر على ذلك. وقال ابن جريج: ولو شاء لأراهم أمراً من أمره لا يعمل أحدٌ بعده منهم معصية الله.
وقال القاضي: "آيةً"، أي: دلالةً ملجئةً إلى الإيمان.
قوله: (﴿فَظَلَّتْ﴾ معطوفٌ على الجزاء الذي هو ﴿نُنَزِّلْ﴾)، فالفاء إذن: للتعقيب، والأوجه أن الفاء للسببية، لأن الإنزال سببٌ للخضوع.
قوله: (لو قيل: أنزلنا، لكان صحيحاً)، يعني: ﴿فَظَلَّتْ﴾: معطوفٌ على المضارع الذي لو استعمل بدله الماضي لكان صحيحاً، ويمكن أن يقال: إن فائدة وضع ﴿نُنَزِّلْ﴾ موضع "أنزلنا" استحضار صورة إنزال تلك الآية العظيمة الملجئة إلى الإيمان، وحصول خضوع رقابهم عند ذلك في ذهن السامع ليتعجب منه، وإلا لم يصح عطف الماضي على المستقبل بحرف التعقيب، أو جعل الماضي مسبباً عن المستقبل، أو يقال: الأصل "فتظل" فوضع الماضي موضعه ليؤذن بسرعة الانفعال، وأن نزول الآية لقوة سلطانه بمنزلة أن لم يتوقف حصول الخضوع عند وجوده، كفأنه قد مضى يخبر عنه، وإلى هذا المعنى ينظر قوله: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ﴾ [الأعراف: ١٦٠].


الصفحة التالية
Icon