وقيل: جماعات الناس. يقال: جاءنا عنق من الناس؛ لفوج منهم. وقرئ: (فظلَّتْ أعناقُهم لها خاضعةً).
وعن ابن عباس: نزلت هذه الآية فينا وفي بني أمية. قال: ستكون لنا عليهم الدولة، فتذل لنا أعناقهم بعد صعوبة، ويلحقهم هوان بعد عزة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومشهدٍ قد كفيت الغائبين به
أراد بالمشهد: المجلس، أي: رب مشهدٍ عظيم الشأن تكلمت فيه وخاصمت عن الغيب عنه، وكشفت الغمة، وأتيت بالحجة بقلب ثابت.
قوله: (وقيل: جماعات الناس)، الأساس: ومن المجاز: أتاني عنقٌ من الناس، للجماعة المتقدمة، وجاؤوا رسلاً رسلاً، وعنقاً عنقاً، والكلام يأخذ بعضه بأعناق بعض. قال العجاج:
حتى بدت أعناق صبح أبلجا
ويفهم من تقابل "رسلاً رسلاً"، لقوله: "عنقاً عنقاً": أن في إطلاق الأعناق على الجماعات اعتبار الهيئة المجتمعة، فالمعنى: فظلوا خاضعين مجتمعين على الخضوع، متفقين عليه لا يخرج أحدٌ منهم عنه، كقولك للجماعة: هم يدٌ، وفائدة الوجه الأول، وهو إقحام العنق، تصوير حالة الخضوع إدخالاً للروعة.
والوجه الثاني من باب إجراء ما لا يعقل مجرى العقلاء مبالغةً لخضوعهم، فكأنه سرى منهم إليها.
والثالث من إطلاق الجزء على الكل، فإن المتكبر إنما يظهر تجبره في عنقه، وليه له، ولهذا سمي الملك بالصيد يقال: ملكٌ أصيد، لا يلتفت من زهوه يميناً وشمالاً.


الصفحة التالية
Icon