وجه آخر، وهو أن يكون المعنى: ألا يا ناس اتقون، كقوله: (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل: ٢٥].
[(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ* وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ)].
و(يَضِيقُ) و (يَنطَلِقُ) بالرفع لأنهما معطوفان على خبر "إنّ"، وبالنصب لعطفهما على صلة (أن).
والفرق بينهما في المعنى: أنّ الرفع يفيد أنّ فيه ثلاث علل:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ألا يا ناس اتقون)، هذا من باب حذف المنادى، وحق الكناية هكذا: ألا يا اتقون، وألا يا اسجدوا، ولكن في الإمام كتبا متصلين، ونحوه قول الشاعر:

ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلاً بجر عائك القطر
أي: ألا يا دار، فحذف المنادى.
قوله: (وبالنصب)، قال القاضي: قرأ يعقوب: "يضيق"، "ولا ينطلق"، بالنصب.
قوله: (أن الرفع يفيد أن فيه ثلاث علل)، قال القاضي: رتب استدعاء ضم أخيه إليه وإشراكه له في الأمر في الأمر على الأمور الثلاثة: خوف التكذيب، وضيق القلب انفعالاً عنه، وازدياد الحبسة في اللسان بانقباض الروح إلى باطن القلب عند ضيقه بحيث لا ينطلق، لأنها إذا اجتمعت مست الحاجة إلى معين يقوي قلبه، وينوب منابه، حتى لا تختل دعوته ولا تنبتر حجته.


الصفحة التالية
Icon