حتى يتعاونا على تنفيذ أمره وتبليغ رسالته. فمهد قبل التماسه عذره فيما التمسه، ثم التمس بعد ذلك، وتمهيد العذر في التماس المعين على تنفيذ الأمر ليس بتوقف في امتثال الأمر، ولا بتعلل فيه، وكفى بطلب العون دليلا على التقبل لا على التعلل.
[(وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ)].
أراد بالذنب: قتله القبطي. وقيل: كان خباز فرعون واسمه فاتون. يعني: ولهم علي تبعة ذنب، وهي قود ذلك القتل، فأخاف أن يقتلوني به، فحذف المضاف. أو سمى تبعة الذنب ذنبا، كما سمي جزاء السيئة سيئة. فإن قلت: قد أبيت أن تكون تلك الثلاث عللا، وجعلتها تمهيدا للعذر فيما التمسه، فما قولك في هذه الرابعة؟ قلت: هذه استدفاع للبلية المتوقعة. وفرق من أن يقتل قبل أداء الرسالة، فكيف يكون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس في التماس موسى عليه السلام ما يدل على أنه استعفى من الذهاب، بل مقصود فيه أن يقع ذلك الذهاب على أقوى الوجوه في الوصول إلى المراد، واختلفوا فقال بعضهم: إنه وإن كان نبياً فهو غير عالم بأنه يبقى حتى يؤدي الرسالة، وأنه إنما أمر بذلك بشرط التمكين، والأقرب أن الأنبياء عليهم السلام يعلمون إذا حملهم الله تعالى على أداء الرسالة أنه يمكنهم منه، وأنهم سيبقون إلى ذلك الوقت.
قوله: (حتى يتعاونا في تنفيذ أمره)، وأنشد في معناه:
فقلت ادعي وأدع فإن أندى | لصوتٍ أن ينادي داعياني |
النهاية: التبعة، ما يتبع المال من نوائب الحقوق، وهو من تبعت الرجل بحقي.