تعللا. والدليل عليه ما جاء بعده من كلمة الردع، والموعد بالكلاءة والدفع.
[(قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ* فَاتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ* أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ* قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ* وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ* قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ* فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ*وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ)].
جمع الله له الاستجابتين معا في قوله: (كَلَّا فَاذْهَبا)؛ لأنه استدفعه بلاءهم فوعده الدفع بردعه عن الخوف، والتمس منه الموازرة بأخيه فأجابه بقوله فَاذْهَبا، أي: اذهب أنت والذي طلبته وهو هارون. فإن قلت: علام عطف قوله: (فَاذْهَبا)؟ قلت: على الفعل الذي يدل عليه (كَلَّا)، كأنه قيل: ارتدع يا موسى عما تظنّ، فاذهب أنت وهارون. وقوله: (مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) من مجاز الكلام، يريد: أنا لكما ولعدوّكما كالناصر الظهير لكما عليه إذا حضر واستمع ما يجرى بينكما وبينه. فأظهركما وأغلبكما وأكسر شوكته عنكما وأنكسه. ويجوز أن يكونا خبرين لأنّ، أو يكون (مُسْتَمِعُونَ) مستقرا، و (مَعَكُمْ) لغوا. فإن قلت: لم جعلت (مُسْتَمِعُونَ) قرينة (مَعَكُمْ) في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من مجاز الكلام)، أي: الاستعارة، بدليل قوله: كالناصر الظهير، حيث صرح بأداة التشبيه، وقد عرفت أن الاستعارة مجازٌ والعلاقة فيها: التشبيه.
قوله: (ويجوز أن يكونا خبرين)، إلى آخره، وعلى الأول: كان ﴿مَعَكُمْ﴾ حالاً من ضمير ﴿مُسْتَمِعُونَ﴾، أي: مستمعون مشبهين بالناصر والظهير، والمراد بقوله: "مستقراً" أنه خبر "إن"، و ﴿مَعَكُمْ﴾ متعلقٌ به قدم عليه.
قوله: (لم جعلت ﴿مُسْتَمِعُونَ﴾ قرينة ﴿مَعَكُمْ﴾؟ )، أي: مقارناً له في جعله مجازاً، أي: استعارة تمثيلية.