ويجوز أن يوحد، لأنّ حكمهما لتساندهما واتفاقهما على شريعة واحدة، واتحادهما لذلك وللإخوة كان حكما واحدا، فكأنهما رسول واحد. أو أريد أنّ كل واحد منا (أَنْ أَرْسِلْ) بمعنى: أي أرسل، لتضمن الرسول معنى الإرسال. وتقول: أرسلت إليك أن افعل كذا، لما في الإرسال من معنى القول، كما في المناداة والكتابة ونحو ذلك. ومعنى هذا الإرسال: التخلية والإطلاق كقولك: أرسل البازي، يريد: خلهم يذهبوا معنا إلى فلسطين، وكانت مسكنهما. ويروى أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة، حتى قال البواب: إنّ هاهنا إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حلفت برب الراقصات إلى منى خلال الملا يمددن كل جديل
بعده:
فلا تعجلي يا عز أن تتفهمي بنصح أتى الواشون أم بحبول
الحبول: جمع حبل. الأساس: ومن المجاز: رقص البعير رقصاً ورقصاناً: خب، وأرقصوا في سيرهم وترقصوا: ارتفعوا وانخفضوا، خلال الملا: وسط الناس، والجديل: الحبل المفتول والزمام المجدول. "ما" في قوله: "ما فهمت": نافيةٌ، يقال: ما فهمت بكلمة، أي: ما تكلمت.
في الاستشهاد بقوله: " ولا أرسلتهم برسول" نظرٌ، لأنه يحتمل أن يكون بمعنى المرسل.
قوله: (ويروى: أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما)، إلى قوله: "فعرف موسى عليه السلام فقال له: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ﴾: "بيانٌ لوجه اتصال قوله تعالى: ﴿قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا﴾ بقوله: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾، ولما يحتاج إليه من المقدرات ليتصل صدر هذه الآية بعجز تلك. والعجب أن قول المؤلف: "فأديا إليه الرسالة" بعد قوله: "فقال: ائذن له" من هذا الباب، لكون التقدير: فذهب البواب إليهما فأذن لهما بالدخول، فدخلا. لكن في كلام المصنف فاءً فصيحةً.


الصفحة التالية
Icon