ائذن له لعلنا نضحك منه، فأدّيا إليه الرسالة، فعرف موسى فقال له: (أَلَمْ نُرَبِّكَ)؟ حذف: فأتيا فرعون فقالا له ذلك، لأنه معلوم لا يشتبه. وهذا النوع من الاختصار كثير في التنزيل. الوليد: الصبي لقرب عهده من الولادة. وفي رواية عن أبي عمرو: (من عمرك)، بسكون الميم. (سِنِينَ) قيل: مكث عندهم ثلاثين سنة. وقيل: وكز القبطي وهو ابن ثنتي عشرة سنة، وفرّ منهم على أثرها، والله أعلم بصحيح ذلك.
وعن الشعبي: (فِعْلَتَك) بالكسر، وهي قتلة القبطي، لأنه قتله بالوكزة؛ وهو ضرب من القتل. وأما الفعلة، فلأنها كانت وكزة واحدة. عدّد عليه نعمته من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال، ووبخه بما جرى على يده من قتل خبازه، وعظم ذلك وفظعه بقوله: (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) يجوز أن يكون حالا، أي: قتلته وأنت لذاك من الكافرين بنعمتي. أو: وأنت إذ ذاك ممن تكفرهم الساعة. وقد افترى عليه أو جهل أمره، لأنه كان يعايشهم بالتقية، فإنّ الله عز وعلا عاصم من يريد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعظم ذلك وفظعه بقوله: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾، الانتصاف: وجه تفظيعه أنه أتى به مجملاً إيذاناً بأنه لفظاعته لا ينطق به، كقوله تعالى: ﴿فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ [طه: ٧٨]، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم: ١٠]، ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ [النجم: ١٦].
قوله: (وقد افترى عليه أو جهل أمره)، يتعلق بقوله: "أو أنت إذ ذاك ممن تكفرهم الساعة"، أي: قال: فرعون ذلك القول، وقد افترى، المعنى: كنت مثلهم حينئذٍ، وفي دينهم، وداخلاً في زمرتهم، كأنه قال: وكنت منا، ومن ديننا.
وقوله: "فإن الله عاصم"، تعليلٌ لنسبة اللعين إلى الافتراء وتجهيله.
قوله: (بالتقية)، النهاية: التقية والتقاة بمعنى، وهو أن يتقي الرجل الناس، ويرى الصلح والاتفاق، والباطن بخلاف ذلك، وعليه قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: ٢٨]، أي: يوافقهم ظاهراً، ويخالفهم


الصفحة التالية
Icon