فساقوا الكلام مساق الكناية؛ لأنهم إذا اتبعوهم لم يكونوا متبعين لموسى.
[(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)].
وقرئ: (نعم) بالكسر، وهما لغتان. ولما كان قوله: (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) في معنى جزاء الشرط، لدلالته عليه، وكان قوله: (وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) معطوفا عليه ومدخلا في حكمه، دخلت (إذا) قارّة في مكانها الذي تقتضيه من الجواب والجزاء، وعدهم أن يجمع لهم إلى الثواب على سحرهم الذي قدروا أنهم يغلبون به موسى: القربة عنده والزلفى.
[(قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣) فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فساقوا الكلام مساق الكناية)، يعني: لم يرد بقوله: ﴿نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾: إتباعهم حقيقةً، فكيف وإنه مدع للإلهية؟ وإرادته دفع موسى عليه السلام فقط.
قوله: ("نعم" بالكسر)، الكسائي.
قوله: (ولما كان قوله: ﴿إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا﴾ في معنى جزاء الشرط)، يعني: قد تقرر أن الجزاء لا يتقدم على الشرط، لأنه مسببٌ عنه، فإذا تقدم ما في معنى الجزاء عليه ينبغي أن يقدر مثله بعده، فحكم ﴿أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا﴾ كذلك، وقد عطف عليه قوله: ﴿وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾، والمعطوف له حكم المعطوف عليه، فصح حينئذٍ دخول "إذا" فيه، فكأنهم لما قالوا: إن كنا نحن الغالبين، فهل لنا من أجرٍ؟ أجيبوا بقوله: ﴿نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾، أي: إن غلبتم فلكم الأجر والقربة. وهو قريبٌ من التأويل الذي سبق في قوله تعالى: ﴿فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon