واشتغلوا بموتاهم حتى خرج موسى بقومه. وروي: أنّ الله أوحى إلى موسى: أن اجمع بنى إسرائيل، كل أربعة أبيات في بيت، ثم اذبحوا الجداء واضربوا بدمائها على أبوابكم، فإني سآمر الملائكة أن لا يدخلوا بيتا على بابه دم، وسآمرهم بقتل أبكار القبط، واخبزوا خبزا فطيرا؛ فإنه أسرع لكم، ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر فيأتيك أمري، فأرسل فرعون في أثره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسوّر، مع كل ملك ألف، وخرج فرعون في جمع عظيم، وكانت مقدّمته سبعمائة ألف: كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة. وعن ابن عباس: خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، فلذلك استقل قوم موسى وكانوا ست مائة ألف وسبعين ألفا، وسماهم شرذمة قليلين. (إِنَّ هؤُلاءِ) محكي بعد قول مضمر. والشرذمة: الطائفة القليلة. ومنها قولهم: ثوب شراذم، للذي يلي وتقطع قطعا، ذكرهم بالاسم الدال على القلة. ثم جعلهم قليلا بالوصف، ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلا،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الجداء)، الجداء: جمع جدي، والأجداء أيضاً.
قوله: (فيأتيك أمري)، عن بعضهم: أمري، أي: شأني، أو عقوبتي، من قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ [هود: ٨٢]، ومن قوله: ﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ [الروم: ٢٥]. وقلت: ويمكن أ، يكون واحد الأوامر، وهو قوله تعالى: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾.
قوله: (ثوبٌ شراذم)، وصف الواحد بشراذم كوصف الإزار بالسراويل في أحد القولين، ونظيره: الحضاجر للمنتفخ البطن.
قوله: (فجعل كل حزبٍ منهم قليلاً)، يريد أن الأصل أن يقال: "لشر ذمةٌ قليلة"، فعدل إلى: ﴿قَلِيلُونَ﴾، ليؤذن بتفرقهم أحزاباً. الانتصاف: يعني: قللهم، من أربعة أوجهٍ: عبر عنه بـ "شرذمة"، ووصفهم بالقلة، وجمع وصفهم، ليعلم أن كل حزبٍ منهم قليل، واختار جمع السلامة المفيد للقلة، وفيه وجهٌ خامسٌ: جمع الصفة والموصوف مفردٌ، وهو


الصفحة التالية
Icon