وقوم عليَّ ذوي مئرة أراهم عدوّا وكانوا صديقا
ومنه قوله تعالى: (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) [الكهف: ٥٠]، شبها بالمصادر للموازنة، كالقبول والولوع، والحنين والصهيل. (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) استثناء منقطع، كأنه قال: ولكن رب العالمين فَهُوَ يَهْدِينِي يريد أنه حين أتمّ خلقه ونفخ فيه الروح،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقوم علي ذوي مئرةٍ)، البيت، مئرةٍ): أي مجادلةٍ ومخاصمة. المئرة بالهمز: الذحل والعداوة، وجمعها مئرٌ، يريد: أنه أطلق العدو على الجماعة، والعدو والصديق يجيئان بمعنى الواحدة والجماعة، قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يقال: إن الصديق والعدو كالرسول في أنه يقال للواحد والتثنية والجمع، قال تعالى: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وذلك أن الجمع بمنزلة الواحد في الاتفاق على المعنى المقصود.
قوله: (﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾: استثناءٌ منقطع)، قال صاحب "الكشف": لأنه تعالى ليس من جملة الأعداء أخبر عن الأصنام بأنهم أعداءٌ، ثم أخذ في حديثٍ آخر، فقال: لكن رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين. وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكون متصلاً، لأن آبائهم قد كان منهم من يعبد الله تعالى وغير الله. والاختيار الأول، لأن قوله: ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ تخلصٌ إلى الأوصاف الآتية. وذهب أبو البقاء وصاحب "الكشف" أن قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي﴾: مبتدأٌ، و ﴿فَهُوَ يَهْدِينِ﴾: الخبر، وما بعدها من ﴿الَّذِي﴾: صفات ﴿الَّذِي﴾: الأولى، ويجوز إدخال الواو في الصفات، وقيل: المعطوف: مبتدأٌ، وخبره محذوفٌ استغناءً: بخبر الأول، وضعف صاحب "الكشف" هذا.
وقلت: الأول أيضاً ضعيفٌ، والأولى ما عليه ظياهر كلام المصنف، أن الكل صفاتٌ


الصفحة التالية
Icon