مفعولا لـ (يَنفَعُ)، أي: لا ينفع مال ولا بنون، إلا رجلا سلم قلبه مع ماله؛ حيث أنفقه في طاعة الله، ومع بنيه حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع. ويجوز على هذا (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) من فتنة المال والبنين. ومعنى سلامة القلب: سلامته من آفات الكفر والمعاصي، ومما أكرم الله تعالى به خليله ونبه على جلالة محله في الإخلاص: أن حكى استثناءه هذا حكاية راضٍ بإصابته فيه، ثم جعله صفة له في قوله: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ، إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الصافات: ٨٤]. ومن بدع التفاسير: تفسير بعضهم السليم باللديغ من خشية الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو استثناءً منه، أي: لا ينفع مالٌ ولا بنون أحداً إلا من أتى، والمعنى أن المال إذا صرف في وجوه البر، والبنين الصالحين ينتفع بهم من نسب إليهم وإلى صلاحهم، أو: هو في موضع رفع على البدل من فاعل ﴿يَنْفَعُ﴾ وغلب من يعقل، والتقدير: إلا مال من، أو بنو من، فإنه ينفع نفسه أو غيره بالشفاعة.
قوله: (ومعنى سلامة القلب: سلامته من آفات الكفر والمعاصي)، قال الإمام: المراد: سلامة القلب عن الجهل، والأخلاق الرذيلة، وكما أن صحة البدن وسلامته: عبارةٌ عن حصول ما ينبغي من استقامة المزاج والتركيب والاتصال، ومرضه: عبارةٌ عن زوال إحدى تلك الأمور، كذلك سلامة القلب: عبارةٌ عن حصول ما ينبغي له، وهو العلم والخلق الفاضل، ومرضه: عبارةٌ عن زوال أحدهما، والمعنى: بقلبٍ سليم الخالي عن العقائد الفاسدة، والميل إلى شهوات الدنيا ولذاتها. ويتبع الأعمال الصالحات، إذ من علامة سلامة القلب تأثيره إلى الجوارح.
قوله: (تفسير بعضهم السليم باللديغ)، في "حقائق السلمي" عن بعض العارفين: السليم في لسان العرب: اللديغ، واللديغ هو القلق المزعج، فكأنه يقول: قلبٌ لا يهدأ من الجزع والتضرع من مخافة القطيعة.