إشراكهم، فيقال لهم: أين آلهتكم؟ هل ينفعونكم بنصرتهم لكم؟ أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم؟ لأنهم وآلهتهم وقود النار، وهو قوله: (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ) أي: الآلهة (وَالْغاوُونَ): وعبدتهم الذين برزت لهم الجحيم. والكبكبة: تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقى في جهنم ينكب مرة بعد مرة حتى يستقرّ في قعرها، اللهم أجرنا منها يا خير مستجار. (وَجُنُودُ إِبْلِيسَ): شياطينه، أو متبعوه من عصاة الجن والإنس.
[(قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ* تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ* وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ* فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ* فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)].
يجوز أن ينطق الله الأصنام حتى يصح التقاول والتخاصم. ويجوز أن يجري ذلك بين العصاة والشياطين. والمراد بالمجرمين الذين أضلوهم: رؤساؤهم وكبراؤهم، كقوله: (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) [الأحزاب: ٦٧]، وعن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في النار، للتوبيخ، وفي معنى قوله: ﴿هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ﴾ الترقي والمبالغة، أي: كيف يخلصونكم من عذاب النار، بل كيف يقدرون على خلاص أنفسهم منها؟ فوضع ينتصرون، وهو من انتصر منه، أي: انتقم، موضع الاستخلاص مبالغةً وتهكماً. وقوله: "وهو قوله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا﴾ بيانٌ لمعنى قوله: أنهم وآلهتهم وقود النار". قال الواحدي: وقيل لهم في ذلك اليوم على وجه التوبيخ: ﴿أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ﴾ أي: يمنعونكم من العذاب ﴿أَوْ يَنْتَصِرُونَ﴾ يمتنعون منه؟ ثم يؤمر بهم فيلقون في النار، فكذلك قوله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا﴾.
قوله: (يجوز أن ينطق اله تعالى الأصنام)، يعني: أن الضمير في ﴿قَالُوا﴾ للأصنام والغاوين وجنود إبليس، يدل عليه قوله تعالى: ﴿أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.


الصفحة التالية
Icon