و (إِلَّا) بمعنى (لكنّ)؛ لأنه لما أطلق نفي الخوف عن الرسل، كان ذلك مظنة لطروّ الشبهة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (و ﴿إِلَّا﴾ بمعنى "لكن")، يريد أن الاستثناء منقطع، و ﴿مَن﴾ منصوب المحل، كقوله تعالى: ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلَّا آَلَ لُوطٍ﴾ استثناءٌ منقطع، لأن القوم موصوفون بالإجرام، فاختلف لذلك الجنسان، وهاهنا بالعكس، لأن المستدرك جنسٌ غير المعصومين استدرك من المعصومين، وإليه الإشارة بقوله: "ولكن من ظلم منهم، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى" عليهم السلام، وأما فرطة آدم وإخوة يوسف وموسى فظاهرةٌ، وأما فرطة يونس فما دل عليها: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الصافات: ١٤٠]، وفرطة داود ما يشعر به قوله: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ﴾ [ص: ٢٤] وفرطة سليمان قوله: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ﴾ [ص: ٣٤].
الكواشي: المعنى على الانقطاع، أي: من أمنته من عذابي لا ينبغي أن يخاف من حية.
قوله: (لما أطلق نفي الخوف عن الرسل كان ذلك مظنةً لطرو الشبهة)، هذا إشارةٌ إلى الخلاف بين الناس في جواز الذنب على الأنبياء أو عدمه. قال الإمام: فيه خمسة أقوال:
أولها: قول الحشوية، فإنهم يقولون بجواز صدور الكبائر عنهم عمدًا.
وثانياً: المعتزلة، فإنهم لا يجوزون عليهم الكبائر، ويجوزون الصغائر إلا ما ينفر، كالكذب والتطفيف، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: "مما يجوز على الأنبياء".
وثالثها: الجبائي أنه قال: لا تجوز الصغيرة ولا الكبيرة على جهة العمد، بل على التأويل.
ورابعها: لا يقع منهم ذنبٌ قط، وأنهم معصومون من وقت مولدهم. وهذا قول الرافضة.


الصفحة التالية
Icon