..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قال الإمام: والمختار عندنا أنه لم يصدر عنهم ذنبٌ حال النبوة لا الصغيرة ولا الكبيرة. وفي تضاعيف كلامه إشعارٌ بأن ترك الأولى منهم كالصغيرة منا، لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وإذا علم هذا فقول المصنف: "لما أطلق نفي الخوف عن الرسل كان ذلك مظنةً لطرو الشبهة" معناه: لطرو شبهة من ينفي عنهم الكبائر والصغائر، وأن ليس لهم خوفٌ البتة، لا من جهة الصغائر، ولا من جهة الكبائر، فاستدرك بقوله: ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ هذا الظن، وأثبت أن منهم من "فرطت منه صغيرةٌ مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم... " إلى آخره.
وقلت: وجه التأويل على رأينا ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ قبل النبوة، ثم بدل بعدها حسناً. يؤيده لفظة: ﴿ثٌمَّ﴾، فإنها للتراخي.
وقال صاحب "المطلع": والمعنى: ولكن من ظلم من العباد ثم تاب، فإني أغفر له. وعلى هذا لا يخاف الأنبياء، وهو اختيار الزجاج. تم كلام "المطلع".
ويجوز أن يكون الاستثناء متصلاً، وموضع ﴿مَن﴾ رفعٌ على البدل من الفاعل، كما قال أبو البقاء.
والمعنى: إني لا يخاف لدى المرسلون، إلا الذي فرط منه ما غفر له ثم ترحم عليه، فإنه يخاف، وقد علم وتحقق أن المغفور له والمرحوم عليه لا يخاف الله من الذنب الذي غفر له البتة، فإذن لا يخاف منهم من أحدٍ على البت والقطع. والمقام يقتضي هذا المعنى، لأن مقام تلقي الرسالة وابتداء المكالمة مع الكليم يوجب إزالة الخوف بالكلية، لاسيما الخوف من قبيل ما يعتري البشرية من توهم مكروهٍ نفساني.


الصفحة التالية
Icon