وشيء من مواجبه، فأضمر ذلك ثم عطف عليه التحميد، كأنه قال: ولقد آتيناهما علما فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة، (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا). والكثير المفضل عليه: من لم يؤت علما. أو من لم يؤت مثل علمهما. وفيه: أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير.
وفي الآية دليل على شرف العلم، وإنافة محله وتقدم حملته وأهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم. وأجزل القسم، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من عباد الله، كما قال: (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) [المجادلة: ١١]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أفادتكم النعماء مني ثلاثًة يدي ولساني والضمير المحجبا
ولو نص بالفاء لاقتصر على المذكور وفات المقصود.
وبهذا التقرير ظهر أن ما ذهب إليه المصنف قمينٌ أن يتبع ويؤثر على ما اختاره صاحب "المفتاح" حيث قال: ويحتمل عندي أنه أخبر تعالى عما صنع بهما، وأخبر عما قالا، فكأنه قال: نحن فعلنا إيتاء العلم، وهما فعلا الحمد تفويضاً لاستفادة ترتب الحمد على إيتاء العلم إلى فهم السامع، لأن الشكر على هذا يختص بالقول وحده والنعمة خطيرةٌ.
قوله: (وشيءٌ من مواجبه)، قيل: المواجب: جمع موجب، بضم الميم وفتح الجيم، و"ذلك" إشارةٌ إلى ما دل عليه قوله: "بعض" و"شيء"، وهو البعض الآخر والشيء الآخر الذي لم يذكر.
قوله: (دليلٌ على شرف العلم وإنافة محله)، قال القاضي: لأنهما شكرا على العلم وجعلاه أساس الفضل، ولم يعتبرا دونه مما أوتيا من الملك الذي لم يؤت غيرهما.


الصفحة التالية
Icon