وما سماهم رسول الله ﷺ "ورثة الأنبياء" إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة، لأنهم القوّام بما بعثوا من أجله.
وفيها أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة لوازم، منها: أن يحمدوا الله على ما أوتوه من فضلهم على غيرهم. وفيها التذكير بالتواضع، وأن يعتقد العالم أنه وإن فضل على كثير فقد فضل عليه مثلهم. وما أحسن قول عمر:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما سماهم رسول الله - ﷺ - ورثة الأنبياء)، روينا عن أبي داود والترمذي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء، لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافرٍ".
قوله: (لأنهم القوام)، والقوام: الآمر عليهم، قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣٤]، أي: أمراء عليهن، أي: لا يجري القصاص بالضرب بين الزوجين.
قوله: (وأن يعتقد العالم أنه وإن فضل على كثيرٍ فقد فضل عليه مثلهم)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، إذ يدل بالمفهوم على أنهما لم يفضلا على القليل، فأما أن يفضل القليل عليهما أو يساوياه فلا.
قلت: ولعله أشعر بأن المصنف رمز إلى أن المفضل عليهما الملائكة، كما قال في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ... وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٠].
وأما الفرق بين المقامين فهو أن مقام المدح خلاف مقام الشكر والتواضع، وذلك أنه تعالى في ذلك المقام لما ذكر كرامة أبيهم من جعله مسجوداً للملائكة المقربين، وما منحوا من نعمة الدارين، عقبه بذكر كرامتهم وفضلهم على كثيرٍ من المخلوقين، أي: جمعهم كما


الصفحة التالية
Icon