"كل الناس أفقه من عمر".
[(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)].
ورث منه النبوّة والملك دون سائر بنيه، وكانوا تسعة عشر، وكان داوود أكثر تعبدا، وسليمان أقضى وأشكر لنعمة الله (وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ)؛ تشهيرا لنعمة الله، وتنويها بها، واعترافا بمكانها، ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير، وغير ذلك مما أوتيه من عظائم الأمور.
والمنطق: كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف، المفيد وغير المفيد. وقد ترجم يعقوب بن السكيت كتابه بإصلاح المنطق، وما أصلح فيه إلا مفردات الكلم، وقالت العرب: "نطقت الحمامة، وكل صنف من الطير يتفاهم أصواته"، والذي علمه سليمان من منطق الطير: هو ما يفهم بعضه من بعض من معانيه وأغراضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبق، وهاهنا، ذكر ما يجب عليهما من الشكر على كرامة الله إياهما وفضله، ومقام التواضع فيه توسعة، كما قال صلوات الله عليه: "لا ينبغي لعبدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متى"، أخرجه البخاري ومسلم.
قوله: (كل الناس أفقه من عمر)، قاله حين خطب فقال: يا أيها الناس، لا تغالوا بصدق النساء، فقامت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، لم تمنعنا حقاً جعله الله لنا، والله يقول: ﴿وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ [النساء: ٢٠]؟ ! فقال عمر: كل أحدٍ أعلم من عمر. أورده المصنف في "النساء".
قوله: (هو ما يفهم بعضه من بعضٍ، من معانيه وأغراضه)، قال القاضي: والنطق


الصفحة التالية
Icon