يا مذنبون". صاح طيطوى، فقال: "يقول: كل حىّ ميت، وكل جديد بال". وصاح خطاف، فقال: "يقول:
قدّموا خيرا تجدوه". وصاحت رخمة، فقال: "تقول: سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه".
وصاح قمري، فأخبر أنه يقول: "سبحان ربي الأعلى". وقال: "الحدأ" يقول: "كل شيء هالك إلا الله". والقطاة تقول: "من سكت سلم"، والببغاء تقول: "ويل لمن الدنيا همه"، والديك يقول:
"اذكروا الله يا غافلين". والنسر يقول: "يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت"، والعقاب يقول:
"في البعد من الناس أنس"، والضفدع يقول: "سبحان ربي القدوس". وأراد بقوله مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كثرة ما أوتى، كما تقول: "فلان يقصده كل أحد، ويعلم كل شيء"، تريد: كثرة قصاده ورجوعه إلى غزارة في العلم واستكثار منه. ومثله قوله: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل: ٢٣]. (إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ): قول وارد على سبيل الشكر والمحمدة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، أي: أقول هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والطاعة، والحساب. وهو قولهم: دناهم كما دانوا الجزاء، ويقولون: كما تدين تدان، أي: كما تصنع يصنع بك. قيل: سمى الأول باسم الثاني مشاكلةً.
قوله: (رخمة)، الجوهري: الرخمة: طائرٌ أبقع يشبه النسر في الخلقة، يقال له: الأنوق، والجمع: رخمٌ.
قوله: (والببغاء)، والببغى: بالتشديد مقصورٌ يكتب بالياء، والببغاء: بالتخفيف ممدودٌ، كالباقلا والباقلى.
قوله: ("أنا سيد ولد آدم ولا فخر")، الحديث على ما رواه الترمذي، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول الله - ﷺ -: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ- آدم فمن سواه- إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض


الصفحة التالية
Icon