القول شكراً ولا أقوله فخرا. فإن قلت: كيف قال علمنا وأوتينا؛ وهو من كلام المتكبرين؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يريد نفسه وأباه. والثاني: أن هذه النون يقال لها نون الواحد المطاع. وكان ملكا مطاعا، فكلم أهل طاعته على صفته وحاله التي كان عليها، وليس التكبر من لوازم ذلك، وقد يتعلق بتجمل الملك وتفخمه وإظهار آيينه وسياسته مصالح، فيعود تكلف ذلك واجبا. وقد كان رسول الله ﷺ يفعل نحوا من ذلك إذا وفد عليه وفد، أو احتاج أن يدحج في عين عدوّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا فخر"، أي: أقول هذا القول ليعلم الناس فيتبعوني ويقتدروا بي، فيحصل لهم النجاة والسعادة في الدارين، ولا أقوله فخرًا.
وقال صاحب " الفرائد": ويمكن أن يقال إنه صلوات الله عليه أراد بذلك إظهار مرتبته واختصاصه بمزيد فضلٍ من الله تعالى من بين الناس، حتى حصل له استحقاق أن يقول مثل ذلك، وهذا من باب الشكر.
وقلت: يجوز أن يقال: إن هذا الإخبار كسائر ما تفضل الله عليه من نعم الدارين، وأنه صلوات الله عليه مأمورٌ بتبليغها إلى الأمة، يشهد له قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: ٦٧].
قوله: (أبهته)، الجوهري: الأبهة: العظمة والكبرياء.
وفي بعض النسخ: "آيينه"، أي: مراتبه وبهائه. وقيل لذي القرنين: بيت على العدو، فقال: ليس من أيين الملوك استراق الظفر. وقيل: ليس البيان من أبين الملوك، ما وجدت في الأصول لهذا اللفظ ذكرًا.


الصفحة التالية
Icon