عرجاء تتكاوس، فنادت: (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ): الآية، فسمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال".
وقيل: "كان اسمها طاخية". وعن قتادة أنه دخل الكوفة فالتف عليه الناس، فقال: "سلوا عما شئتم"، وكان أبو حنيفة رحمه الله حاضرا وهو غلام حدث. فقال: سلوه عن نملة سليمان، أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه فأفحم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى، فقيل له: من أين عرفت؟ قال: من كتاب الله، وهو قوله: (قالَتْ) نَمْلَةٌ ولو كانت ذكرا لقال: قال نملة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تتكاوس)، الجوهري: يقال: كاس البعير: إذا مشى على ثلاث قوائم وهو معرقبٌ.
قوله: (وعن قتادة)، قال صاحب "الجامع": هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي البصري الأعمى، يعد في الطبقة الثالثة من تابعي البصرة، روى عن أنس بن مالك كثيراً.
قوله: (وهو قوله: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ﴾، ولو كانت ذكرًا لقال: قال نملةٌ)، الانتصاف: العجب من أبي حنيفة رضي الله عنه إن ثبت ذلك عنه، لأن النملة كالحمامة والشاة تقع على الذكر والأنثى، فيقال: نملةٌ أنثى، وشاةٌ وحمامةٌ، كذلك فلفظها مؤنث، ومعناه محتملٌ، وتأنيثها لأجل لفظها، وإن كان المراد بها ذكرًا وهو الأفصح المستعمل قال - ﷺ -: "لا تضح بعوراء ولا عمياء ولا عجفاء" أجرى الصفات على اللفظ المؤنث، ولا يعني الإناث من النعم خاصةً، كذا هاهنا، وكيف يسأل أبا حنيفة بهذا ويفحم به قتادة مع غزارة علمه. والأشبه أن هذا لا يصح عنهما.
قال ابن الحاجب: التأنيث اللفظي: هو أن لا يكون بإزائه ذكرٌ في الحيوان، كظلمةٍ وعينٍ، ولا فرق بين أن يكون حيوانًا أو غيره، كدجاجة وحمامةٍ إذا قصد به مذكر، فإنه


الصفحة التالية
Icon