وذلك أنّ النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى، فيميز بينهما بعلامة، نحو قولهم: حمامة ذكر، وحمامه أنثى، وهو وهي. وقرئ: (مَسْكَنكُم) و (لا يَحْطِمَنْكُمْ)، وقرئ: (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) بفتح الحاء وكسرها. وأصله: لا يَحْطِمَنَّكُمْ. ولما جعلها قائلة والنمل مقولا لهم كما يكون في أولى العقل: أجرى خطابهم مجرى خطابهم. فإن قلت: لا يحطمنكم ما هو؟ قلت: يحتمل أن يكون جوابا للأمر، وأن يكون نهيا بدلا من الأمر،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والنمل مقولًا لهم)، أي: لأجلهم، فجعلهم كالمخاطبين، واللام في "لهم" مثلها في قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [مريم: ٧٣]، أي: لأجلهم، فجعلهم كالمخاطبين.
قوله: (يحتمل أن يكون جوابًا للأمر، وأن يكون نهيًا بدلًا من الأمر)، روى صاحب "الفرائد"، عن الفراء: هو نهيٌ فيه طرفٌ من الجزاء. وعن الأخفش: بل هذا على تقدير الواو العاطفة يكون نهياً بعد أمرٍ. والتقدير: ادخلوا مساكنكم لا يحطنكم سليمان، وعلى قول الفراء التقدير: إن دخلتم مساكنكم لا يحطمنكم سليمان.
وقال صاحب "الكشف": هذا وإن كان في المعنى صحيحًا إلا أن اللفظ يمنع من فصاحته، ولو حمل عليه، لأن النون لا تدخل في الجزاء إلا في ضرورة الشعر.
وقال صاحب "الفرائد" يمكن أن يقال: لم يعطف، لأن توكيدٌ للطلب، فهو كما في الخبر، نحو قوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] لقوله: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢].


الصفحة التالية
Icon