دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم، وعلى شهرة حاله وحالهم في باب التقوى، وذلك قولها: (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ): تعني: أنهم لو شعروا لم يفعلوا. وسروره بما آتاه الله مما لم يؤت أحدا: من إدراكه بسمعه ما همس به بعض الحكل الذي هو مثل في الصغر والقلة، ومن إحاطته بمعناه، ولذلك اشتمل دعاؤه على استيزاع الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن جني: "ضحكًا" منصوبٌ على المصدر بفعل مضمر يدل عليه "تبسم"، كأنه قيل: ضحك ضحكًا. هذا مذهب صاحب "الكتاب"، وقياس قول أبي عثمان في قولهم: تبسمت وميض البرق، أنه منصوبٌ بنفس "تبسمت"، لأنه في معنى: أومضت.
وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكون اسم فاعلٍ مثل: نصب، لأنه ماضيه: ضحك، فهو لازمٌ.
قوله: (الحكل)، الحكل: ما لا يسمع له صوتٌ. وقال رؤبة:

لو كنت قد أوتيت علم الحكل علم سليمان كلام النمل
قوله: (ولذلك اشتمل دعاؤه)، أي: ولأجل أن قوله: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾ كان منيًا على أمرين: على شهرة حاله وحال جنوده في باب التقوى، وعلى إحاطته بمعنى ما أدركه سمعه ما همس به الحكل، أردفه بقوله: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾، لأنهما نعمتان جليلتان موجبتان شكر منعمهما.
قوله: (على استيزاع الله)، الراغب: قيل: الوزوع: الولوع بالشيء، ورجل وزوعٌ،


الصفحة التالية
Icon