والجزاء: مثلت تلك الحال بحال عبٍد قدم على سيده بعد عهٍد طويل، وقد اطلع مولاه على ما كان يأتى ويذر، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب؛ لما رضى من أفعاله، أو بضد ذلك لما سخطه منها، فمعنى قوله: (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ الله) من كان يأمل تلك الحال، وأن يلقى فيها الكرامة من الله والبشرى (فَإِنَّ أَجَلَ الله) وهو الموت (لَآتٍ) لا محالة؛ فليبادر العمل الصالح الذي يصدق رجاءه، ويحقق أمله، ويكتسب به القربة عند الله والزلفى. (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي لا يخفى عليه شيء مما يقوله عباده ومما يفعلونه، فهو حقيق بالتقوى والخشية. وقيل: (يَرْجُوا): يخاف من قول الهذلي في صفة عسال:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها
فإن قلت: (فإن أجل الله لآت)، كيف وقع جوابًا للشرط؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إذا لَسَعَتْهُ الدَّبْرُ لم يَرْجُ لَسْعَها)، تمامُه:
وخالَفَها في بيتِ نُوبٍ عَوامِلِ
الدَّبْرُ: جماعةُ النَّحْلِ. قيل: سمِّيت بذلك لِتَدْبيرها وحُسن نَيْقَتِها في العَمَل، ومن كلام سُكَينة بنتِ الحُسين- رضي الله عنها- قالت لأُمِّها: يا أُمَّاه، مرَّت بيد ُبَيْرة فلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ لم يَرْجُ: لا يخافُ. والنُّوبُ: ضَربٌ منَ النَّحلِ قيل: سمّيت بذلك لأنها تَنُوبُ إلى أهلِها، والهاءُ في ((لَسَعَتْهُ)) يعودُ إلى العَسّال المتقدِّمِ ذِكْرُه. والعَسّالُ: الذي يَشُورُ العَسَلَ.
قوله: (﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَأَتٍ﴾ كيف وقع جوابًا للشرط)، تلخيصه ما ذكره الإمام: أن قوله: ﴿مَن كَانَ يَرْجُوا﴾ شرط، وجزاؤه: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ﴾، والمعلَّق بالشرَّطِ عَدَمٌ عند عَدَم


الصفحة التالية
Icon