عِبادِكَ الصَّالِحِينَ)] النمل: ١٩ [، وقال في إبراهيم عليه السلام: (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)] البقرة: ١٣٠، النحل: ١٢٢، العنكبوت: ٢٧ [أو في مدخل الصالحين وهي الجنة، وهذا نحو قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ) الآية] النساء: ٦٩ [.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِالله فَإِذا أُوذِيَ فِي الله جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ الله وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ)] ١٠ - ١١ [
هم ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا مسهم أذًى من الكفار وهو المراد بفتنة الناس، كان ذلك صارفا لهم عن الإيمان، كما أن عذاب الله صارٌف للمؤمنين عن الكفر. أو كما يجب أن يكون عذاب الله صارفًا، وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا: (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) أى: مشايعين لكم في دينكم، ثابتين عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمورِ الدُّنيويةِ، فإنَّ في الدُّنيا بقاءَ الفعلِ بالفاعلِ، وفي الآخرة بقاءَ الفاعِلِ بالفعلِ. كأنَّه أَخذَ المعنى من قوله: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرُ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا﴾ [الكهف: ٤٦].
قوله: (كان ذلك صارِفًا لهم عنِ الإيمانِ، كما أنَّ عذابَ الله صارفٌ للمؤمنينَ). قال الإمامُ: قيل: جَزِعُوا من عذاب النّاسِ كما جَزِعُوا من عذابِ الله. وبالجُملة معناه: جَعَلُوا فِتنةَ النّاسِ معَ ضعفها وانقِطاعِها موضعَ عذابِ الله الأليمِ الدائم، حتّى تَردَّدُوا في الأمرِ، وقالوا: إنْ آمَنّا نَتعرَّضُ لتأذِّي الناسِ، وإنْ تَركْنا الإيمانَ نتعرَّضُ لِمَا تَوَعَّدَنا به محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، ولا يكونُ التَّردُّدُ إلاّ عند التَّساوي. فقد أَبعَدوا المَرْمى.
قوله: (أو كما يَجبُ أن يكونَ عذابُ الله صارفًا) أي: عن الكُفر من حيث هو هو وإن لم يَلتَفِتْ إليه الكافرُ ولم ينصرف.


الصفحة التالية
Icon