ويحتمل أن يراد: لا تعجزونه كيفما هبطتم في مهاوي الأرض وأعماقها، أو علوتم في البروج والقلاع الذاهبة في السماء، كقوله تعالى: (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)] النساء: ٧٨ [أو: لا تعجزون أمره الجاري في السماء والأرض أن يجرى عليكم، فيصيبكم ببلاٍء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ الله وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)] ٢٣ [
(بِآياتِ الله) بدلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته ولقائه والبعث (يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) وعيد، أى: ييأسون يوم القيامة، كقوله: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أَتَهْجُوه ولستَ له بكُفْءٍ فشَرُّكُما لِخَيرِكُما فِداءُ
قال مَنْ حَضَر: هذا أَنصَفُ بيتٍ قالتْهُ العربُ. وفيها:
هَجَوْتَ مطَهَّرًا بَرًّا حَنيفًا أَمين الله شِيمَتُه الوَفاءُ
قوله: (في مَهاوي الأرضِ) المَهْوى: بُعْدُ ما بَيْنَ الشَّيئينِ المُنتَصِبَيْنِ، حتى يُقال لِبُعْدِ ما بَين المَنكِبَيْن: مَهْوًى. قال:
أَكَلتُ دمًا إنْ لم أَرُعْكِ بضَرَّةٍ بَعِيدَةِ مَهْوى القُرْطِ طَيِّبةِ النَّشْرِ
قوله: (﴿يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي﴾ وَعِيدٌ)؛ أي: سَيُعاقَبُونَ يومَ القيامةِ، وحاصلُ الوُجوهِ: أنَّ الكافر لا يُوصَفُ باليأس؛ لأنه مسبوقٌ بالرّجاء والكافرُ لا رجاء له لقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ [يونس: ٧]، ففيه وُجوهٌ:
أحدُها: أنَّه كِنايةٌ عن الوعيدِ؛ أي: يحصلُ لهمُ اليأسُ منَ الرَّحمة يومَ القيامةِ.
وثانيها: أن يكونَ وصفًا لهم كما يُوصف المؤمنُ بـ ((صَبّار شكور))، كأنه قيل: والذين كفروا بآيات الله أولئك همُ الكامِلُون في الكُفرِ، فوُضِعَ مَوْضِعَه: ﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي﴾


الصفحة التالية
Icon