(بِالْبُشْرى) هي: البشارة بالولد والنافلة، وهما: إسحاق ويعقوب. وإضافة مهلكو إضافة تخفيف لا تعريف. والمعنى: الاستقبال. والقرية: سدوم التي قيل فيها: أجور من قاضى سدوم. (كانُوا ظالِمِينَ) معناه: أنّ الظلم قد استمر منهم إيجاده في الأيام السالفة، وهم عليه مصرون، وظلمهم: كفرهم وألوان معاصيهم. (إِنَّ فِيها لُوطاً) ليس إخبارًا لهم بكونه فيها، وإنما هو جدال في شأنه: لأنهم لما عللوا إهلاك أهلها بظلمهم: اعترض عليهم بأن فيها من هو بريء من الظلم، وأراد بالجدال: إظهار الشفقة عليهم، وما يجب للمؤمن من التحزن لأخيه، والتشمر في نصرته وحياطته، والخوف من أن يمسه أذًى أو يلحقه ضرر. قال قتادة: لا يرى المؤمن ألا يحوط المؤمن، ألا ترى إلى جوابهم بأنهم أعلم منه (بِمَنْ فِيها) يعنون: نحن أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أَجوَرُ من قاضي سَدُومَ). قال المَيْدانيُّ: سَدُومُ- بفتح السِّينِ-: مدينةٌ من مدائنِ قومِ لُوطٍ.
قال أبو حاتم: إنّما هو سَذُومُ؛ بالذالِ المُعجَمةِ، والدّالُ خطأ.
قال الأزهريُّ: هذا عندي هو الصحيحُ.
قال الطَّبريُّ: هو ملكٌ من بقايا اليُونانيةِ غَشُومٌ كان بمدينة سَرْمِينَ من أرض قِنَّسْرِين.
قوله: (﴿إِنَّ فِيهَا لُوطًا﴾ ليس إخبارًا لهم بكَوْنِه فيها، وإنَّما هو جِدالٌ) يعني: أنَّ مضمونَ هذه الجملةِ كان معلومًا عند الرُّسلِ، ففائدةُ الإخبار ما اقتضاه المقامُ منَ الاعتراضِ والجدالِ كما قال تعالى: ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ [هود: ٧٤] لا سِيَّما وقد صُدِّرتِ الجملةُ بـ (إنَّ) المؤكِّدةِ، فكأنَّهم لمّا قالوا: ﴿إنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ وفيها ابنُ أخيه لوطٌ اعتَرضَ عليهم بقوله: ﴿إِنَّ فِيهَا لُوطًا﴾ إظهارًا للشَّفَقةِ عليه.
قوله: (لا يرى المؤمنُ أنْ لا يَحُوط المؤمنَ) أي: لا ينبغي للمؤمن أن يتَّصفَ بهذا الوصفِ وهو أنْ لا يَحُوط أخاه، وهو معنى قوله: ((ومِمّا يجب للمؤمن مِنَ التَّشَمُّرِ في حِياطَة المؤمنِ؛ أي: في نُصْحه وكلامِه)).