منك وأخبر بحال لوٍط وحال قومه، وامتيازه منهم الامتياز البين، وأنه لا يستأهل ما يستأهلون، فخفض على نفسك وهوّن عليك الخطب. وقرئ: (لَنُنَجِّيَنَّهُ) بالتشديد والتخفيف، وكذلك (منجوك).
[(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)] ٣٣ [
(أَنْ) صلة أكدت وجود الفعلين مترتبًا أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما؛ كأنهما وجدا في جزٍء واحٍد من الزمان، كأنه قيل: لما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث، خيفة عليهم من قومه (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم. ذرعه: أى: طاقته، وقد جعلت العرب ضيق الذراع والذرع: عبارة عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: ﴿لَنُنَجِّيَنَّهُ،﴾ بالتَّشديد والتَّخفيف) حمزةُ والكسائيُّ: بالتخفيف، والباقون: بالتَّشديد.
قوله: (أَكَّدت وُجودَ الفِعْلَينِ مُتَرتِّبًا أحدُهما على الآخر)، ((مُتَرتِّبًا)) حالٌ من الفعلينِ، والعاملُ فيه الوُجودُ، لا ((أَكَّدت))، وذلك أن المساءَةَ في قوله: ﴿وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سْيءَ بِهِمْ﴾ مُتَرتِّبٌ على مجيء الرُّسلِ، وأُقحِمَت ((أنْ)) توكيدًا للتَّرتُّبِ، فلا يجوز أن يكون العاملُ (أَكَّدت)؛ لأنَّ التأكيدَ في حالِ تَرتُّب أحدِهما على الآخَرِ.
قوله: (ذَرْعُه؛ أي: طاقتُه)، الراغب: ضاقَ بكذا ذَرْعِي، نحو: وضاقَتْ به يَدي، وذَرَعْتُه: ضرَبتُ ذِراعَه، وذَرَعْتُ: مَدَدْتُ الذِّراعَ، ومنه: ذَرَع البَعيرُ في سَيْرِه؛ أي: مَدَّ ذِراعَه، وفَرسٌ ذَرِيعٌ وذَرُوعٌ: واسِعُ الخَطْوِ، وذَرَعَه القَيءُ: سَبقَه من قولهم: ذَرَعَ الفَرسُ.


الصفحة التالية
Icon