وهو نسج العنكبوت. ألا ترى إلى مقطع التشبيه وهو قوله: (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأَصبحتُ من ليلى الغَداةَ كقابضٍ | على الماءِ خانَتْهُ فُروجُ الأَصابِعِ |
قوله: (ألا تَرى إلى مَقْطَعِ التَّشبيهِ) أي: كيف دلَّ قولُه: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾ على أنَّ الغَرَضَ مِنَ التَّشبيه ما ذَكَرْنا.
وكلامُه يَجمعُ أمورًا:
أحدها: أنْ يكونَ قولُه: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾ كالتَّذييلِ للتَّشبيه كما يُفهَمُ مِنَ الوجه الأوَّلِ مِنَ الوُجوهِ المَذكورةِ في جوابِ ما معنى: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.
وذلك أنَّ التَّشبيهَ عندَ قولِه: ﴿كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ ثُمَّ ذُيِّل بقولِه: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾ كما مَرَّ في قولهم: فلانٌ يَنطِقُ بالحقِّ، والحقُّ أَبْلَجُ. وحَدَثتِ الحوادثُ، والحَوادثُ جَمَّةٌ. فالتَّشبيهُ حينئذٍ يَحتملُ أن يكون مركَّبًا عقليًّا، إذا جُعِلَ الوجهُ الوَهْنَ كما أشار إليه في قوله: ((بما هو مَثَلٌ عند النّاسِ في الوَهْنِ))؛ لأنَّه هو الزُّبدةُ والخُلاصةُ المأخوذةُ مِنَ المجموعِ، أو وَهْمِيًّا بأنْ يكونَ الوجهُ مُنْتَزَعًا من عدَّة أمورٍ مُتوهَّمة، وفي قوله: ((وأنَّ أَمْرَ دينهِم بالغٌ إلى هذه الغايةِ مِنَ الوَهْن)) إيماءٌ إليه.
وثانيها: أن يكونَ التَّمثيلُ بجُملته كالمقدِّمة الأولى، ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾ كالثانية، والنتيجةُ محذوفةٌ لشُهرتِها، ولذلك أتى بالفاء، وفي قولِه: ((فقد تبيَّن أن دِينَهم أَوْهَنُ الأديانِ))، فالكلامُ متضمِّنٌ للكناية الإيمائيَّةِ.
وثالثها: أن يكونَ ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ﴾ استعارةً تَمثيليَّةً، وذِكْرُ