[(خَلَقَ الله السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)] ٤٤]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومِنْ ثَمَّ جيء بقوله: ((العالمِ)) بلام الجِنْسِ؛ أي: العالِمُ الكامِلُ، الحكيمُ الحازمُ، ذو الدُّرْبَةِ والكِياسَةِ، مَنْ يَعقِلُ ويَعرِفُ ما صَدَر عنِ الله، ومِنْ ثَمَّ طبَّق التأويلُ النَّبويُّ التَّنزيلَ الإلهيَّ ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ﴾ حيث جَمعَ العَقْلَ والعِلْمَ معًا على سبيل الحَصْرِ.
ومِثْلُه: ((الكَيِّسُ مَنْ دانَ نفسَه وعَمِلَ لِمَا بعدَ الموتِ))، فإذن الواجبُ أنْ يُتَركَ قولهُ تعالى: ﴿أَوْلِيَاءَ﴾ - في قولِه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ﴾ - على الإطلاقِ ليتناوَلَ سائرَ الولاياتِ التي يَجبُ على الموحِّد الاجتنابَ عنها، ويَشْتملَ على دقائق الشِّركِ ومَكامِنِه، ويَنْفي الحَوْلَ والقوَّةَ عمَّن سِواهُ إلى غير ذلك. وفيه مَسْحةٌ من معنى قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥].
في ((حقائق السُّلَميِّ)): قال ابنُ عطاءٍ: مَنِ اعتَمَد شيئًا سوى اللهِ فهو هَباءٌ لا حاصِلَ له، وهَلاكُه في نَفْسِ ما اعتَمَده، ومَنِ اتَّخذ سِواهُ ظَهيرًا قَطَع عن نَفسِه سبيلَ العِصْمَةِ ورُدَّ إلى حَوْله وقُوَّتِه، كالعنكبوتِ اتَّخذت بيتًا ظَنَّه أنَّه يَكُنُّه. وأنشَدَ البُسْتِيُّ:
مَنِ استَعانَ بغير الله في طَلَبٍ فإنَّ ناصِرَه عَجْزٌ وخِذلانُ
والله أعلمُ.


الصفحة التالية
Icon