الثواب: أن يدخل فيها مقدّمًا للتوبة النصوح، متقيًا؛ لقوله تعالى: (إِنَّما يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ)] المائدة: ٢٧ [، ويصليها خاشعًا بالقلب والجوارح، فقد روى عن حاتم: كأنّ رجلي على الصراط، والجنة عن يمينى، والنار عن يساري، وملك الموت من فوقى، وأصلى بين الخوف والرجاء؛ ثم يحوطها بعد أن يصليها فلا يحبطها، فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: "من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر؛ لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدًا". وعن الحسن رحمه الله: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فليست صلاته بصلاة، وهي وبال عليه". وقيل: "من كان مراعيًا للصلاة جرّه ذلك إلى أن ينتهى عن السيئات يومًا ما، فقد روى أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ فلانًا يصلى بالنهار ويسرق بالليل، فقال: «إنّ صلاته لتردعه».
وروى أنّ فتًى من الأنصار كان يصلى معه الصلوات، ولا يدع شيئًا من الفواحش إلا ركبه، فوصف له فقال: «إن صلاته ستنهاه» فلم يلبث أن تاب وعلى كل حاٍل فإنّ المراعى للصلاة لا بدّ أن يكون أبعد من الفحشاء والمنكر ممن لا يراعيها. وأيضًا فكم من مصلين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر، واللفظ لا يقتضى أن لا يخرج واحد من المصلين عن قضيتها، كما تقول: إنّ زيدًا ينهى عن المنكر؛ فليس غرضك أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (واللَّفظُ لا يَقْتضي أنْ لا يَخرُجَ واحدٌ) يعني: ليس التَّعريفُ في الصَّلاة للاستغراقِ لِيستوعِبَ جميعَ المُصلِّينَ، بل هو للجنسِ، فهو مُطلَقٌ في تَناوُلِه، ومعناه: مِنْ شأنِ الصَّلاةِ أنْ تَنهى عنِ الفحشاءِ والمُنكَرِ، فقد وُجد في صُوَرٍ كثيرةٍ هذا الحُكْمُ، فلا يجبُ أن لا يَخرُجَ أحدٌ منَ المصلِّينَ عن قَضيَّتِها.
والحاصلُ أنَّ تَعريفَ الجِنسِ- الذي هو المعهودُ الذِّهنيُّ- كالنَّكرة في الشِّياع، والنَّكرةِ في سياق الإثباتِ، لا يُفيد العُمومَ.


الصفحة التالية
Icon