..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كَتبوا: هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ الله، قالوا: لا نُقِرُّ بهذا، فلو نَعلمُ أنك رسولُ الله ما مَنَعْناك، ولكن أنتَ محمّدُ بنُ عبد الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا رسول الله، وأنا محمّدُ بنُ عبدِ الله))، ثم قال لعليٍّ رضي الله عنه: ((امْحُ رسولَ الله))، قال: لا والله لا أمحوكَ أبدًا، فأخذَ رسولُ الله ﷺ وليس يُحسِنُ يكتب، فكتب: ((هذا ما قاضي عليه محمّدُ بنُ عبد الله، لا يُدْخِلُ مكَّةَ السِّلاحَ إلا السَّيفَ في القِرَابِ، وأنْ لا يَخرُجَ من أهلِها بأَحَدٍ إن أراد أنْ يَتْبَعَه، وأن لا يَمْنَعَ من أصحابه أَحدًا إذا أراد أن يُقِيمَ بها)). الحديثَ.
والجواب ما قال مُحيي السُّنة: يعني: لو كنتَ تَكْتبُ أو تَقرأً قبل الوحي لشَكَّ المُبْطِلُونَ.
قلت: ويؤيِّدهُ قولُه تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ﴾؛ أي: من قَبْلِ إنزالِنَا إليكَ الكتابَ.
وقال الشيخ مُحيي الدِّين النَّواوي في ((شرح صحيح مسلم)): وكما جاز أن يتلوَ جاز أنْ يَخُطَّ، ولا يَقْدَحُ هذا في كونه أُمِّيًّا، إذ ليستِ المُعجزةُ مجرَّدَ كونِه أُمِّيًّا، فإنَّ المعجزةَ حاصلةٌ بكَوْنه أوَّلاً كذلك، ثم جاء بالقرآن وبعُلومٍ لا يَعلَمُها الأُمِّيُّونَ. وقالوا: إنَّ اللهَ تعالى علَّمَه ذلك حينئذٍ، حِينَ كَتَب، وجَعَل هذا زيادةً في مُعجزتِه، فإنَّه كان أُمِّيًّا، فكما علَّمَه ما لم يكن يَعْلم منَ العلمِ وجَعَله يقرأُ ما لم يَقرا، ويَتْلو ما لم يَتْلُ، كذلك عَلَّمه أن يَكتُبَ ويَخُطَّ ما لم يَخُطَّ بعدَ النُّبوةِ. واحتَجُّوا أيضًا بآثار جاءتْ في هذا عن الشَّعبيِّ وبعضِ السَّلفِ، فإنَّ النبيَّ ﷺ لم يَمُتْ حتّى كَتَب. تَمَّ كلامُه.
ويمكنُ أن يُقالَ سبيلُ هذه الكتابةِ مع هذه الآيةِ سبيلُ قولِه:
هل أنتِ إلاّ أُصْبَعٌ دَمِيتِ | وفي سَبيل الله ما لَقِيتِ |