قرئ (عاقبة) بالنصب والرفع. و (السُّواى) تأنيث الأسوأ وهو الأقبح، كما أنّ الحسنى تأنيث الأحسن. والمعنى: أنهم عوقبوا في الدنيا بالدمار، ثم كانت عاقبتهم السوأى؛ إلا أنه وضع المظهر موضع المضمر، أى: العقوبة التي هي أسوأ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قرئ: ﴿عَاقِبَةَ﴾ بالنَّصب والرفع) نافعٌ وابنُ كثير وأبو عمروٍ: بالرفع، والباقون: بالنَّصب.
قوله: (ثم كانت عاقبتُهم السُّوأى) تقريرٌ لقراءة الرَّفعِ، ووُضع ﴿الَّذِينَ أَسَاءُوا﴾ موضعَ الضَّمير لبيان العلَّة، ثم أُضِيف إليه اسمُ ﴿كَانَ﴾، والخبرُ)) السوأي ((، وكذا على الوجه الثاني، لكنَّ ﴿السُّوَأي﴾ داخلٌ في حيِّز الصِّلةِ، والخبرُ مقدَّرٌ، ولم يَذكر وَجْهَ قراءة النَّصب.
قال أبو البقاء: مَن نَصَب ﴿الْعاقِبَةَ﴾ جعلها خبرَ ((كان))، والاسمُ ﴿السُّوأَى﴾ أو ﴿أَن كَذَّبُوا﴾. ويجوز أن يكون ﴿أَن كَذَّبُوا﴾ بَدَلاً من ﴿السُّوأَى﴾ أو خبرَ مبتدأٍ محذوفٍ، و ﴿السُّوأَى﴾ فُعلى؛ تأنيث الأَسوأ، صفة مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: ((أساؤوا الإساءةَ السُّوأي))، وإن جعلتَها اسمًا أو خبرًا كان التقديرُ: ((العقوبة السّوأي))؛ أي: الفعلة السُّوأي.
قال صاحب ((الفرائد)): على تقدير قراءةِ النَّصب هو الخبرُ، والاسمُ ﴿أَن كَذَّبُوا﴾ المعنى: كان عاقبةُ الذين فَعَلُوا الفِعْلةَ السَّوأي؛ أي: التَّكذيب؛ أي: لقّاهم شؤم أفعالهم في الكُفر؛ كقوله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ﴾ [التوبة: ٧٧]، فعلى هذا ليس المُظْهَرُ واقعًا مَوقِعَ المُضمَرِ، بل هو كلامٌ يَدخل فيه المَذكورون.
وقلت: لا بدَّ منَ القولِ بوضع المُظْهَرِ موضعَ المُضمَرِ؛ لأنَّ ﴿ثُمَّ﴾ هاهنا للاستبعاد؛