صناعته معاودًا، تعنون أنه عاودها كرّةً بعد أخرى؛ حتى مرن عليها وهانت عليه. فإن قلت: لم ذكر الضمير في قوله: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)، والمراد به الإعادة؟ قلت: معناه: وأن يعيده أهون عليه. فإن قلت: لم أخرت الصلة في قوله: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) وقدّمت في قوله: (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)] مريم: ٢١ [؟ قلت: هناك قصد الاختصاص وهو محزه، فقيل: هو علىّ هين، وإن كان مستصعبًا عندكم أن يولد بين هم وعاقر؛ وأما هاهنا فلا معنى للاختصاص، كيف والأمر مبنى على ما يعقلون من أنّ الإعادة أسهل من الابتداء؛ فلو قدمت الصلة لتغير المعنى. فإن قلت: ما بال الإعادة استعظمت في قوله: (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ) حتى كأنها فضلت على قيام السماوات والأرض بأمره،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ووصف الغزو بالخُرْق؛ لخَرْقِ الناس فيه كما قيل: ليل نائم.
قوله: (مُستَصعِبًا) صحّ بكسرِ العين؛ لأنه لازم، الجوهري: استَصعَبَ عليه الأمرُ؛ أي: صَعُب.
قوله: (بين هِمٍّ وعاقر)، النهاية: الهِمُّ بالكسر: الكبير الفاني.
قوله: (وأما هاهنا فلا معنى للاختصاص)، يعني: اقتضى مقامُ خَرْقِ العادة هناك التَّقديمَ كأنَّ العادة تأبى أن يحصُلَ الولدُ بين الهِمِّ والعاقِرِ لِما جُرِّبَ وعُلِمَ بالاستقراء، فقيل: أنا القادر وحدي أن أخرق العادة دون غيري، وهاهنا العادة حاكمة قاطعةٌ بأنَّ منَ أعاد صَنعةَ شيءٍ كانت أسهلَ عليه وأهونَ من إنشائها، لكن الدُّهْريَّ المخذولَ يُنكِرُ فعلَه، فجيء بالجملة المفيدة لتقوي الحُكمَ على مجرى العُرف والعادة.
قوله: (ما بالُ الإعادة استُعْظِمت)، يعني: عطف قولِه: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ﴾ على قوله: ﴿أَن تَقُومَ السَّمَاءُ﴾ بحرف التَّراخي في الرُّتبة، فأفاد عظمةَ الثاني، فإنَّ الأوّلَ أَدْونُ حالاً