أن يتنقل في أحوال ويندرج فيها إلى أن يبلغ ذلك الحدّ. وقيل: الأهون بمعنى: الهين. ووجه آخر: وهو أن الإنشاء من قبيل التفضل الذي يتخير فيه الفاعل بين أن يفعله وأن لا يفعله، والإعادة من قبيل الواجب الذي لا بدّ له من فعله، لأنها لجزاء الأعمال، وجزاؤها واجب، والأفعال: إما محال، والمحال ممتنع أصلًا خارج عن المقدور، وإما ما يصرف الحكيم عن فعله صارٌف وهو القبيح، وهو رديف المحال؛ لأنّ الصارف يمنع وجود الفعل كما تمنعه الإحالة. وإما تفضل والتفضل حالة بين بين؛ للفاعل أن يفعله وأن لا يفعله. وإما واجب لا بدّ من فعله، ولا سبيل إلى الإخلال به، وكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: الأَهْوَنُ بمعنى: الهين) روى الزَّجاج عن أبي عُبيدة وكثيرٍ من أهل اللغة: أنَّ ﴿أَهْوَنُ﴾ هاهنا ليس معناه: أنَّ الإعادةَ أهونُ عليه من الابتداء؛ لأنهما سهل عليه، ومثلُه في قوله:
لَعَمرُكَ ما أدري وإنّي لأوْجَلُ | على أيِّنا تَعدُو المَنيَّةُ أوّلُ |
قوله: (لأنَّها لجزاءِ الأعمالِ، وجزاؤها واجبٌ)، قال صاحب ((التقريب)): وفيه نظرٌ؛ لأنَّه مبنيٌّ على الوُجوب العقليِّ، ولأنَّ الوُجوبَ إن كان في الذات نَافَى القُدرةَ كالامتناع، وإلاّ كان ممكنًا، فتساوى النقيضانِ؛ لاشتراكهما في مصحح المقدوريَّة، وهو الإمكانُ.
وقال صاحب ((الانتصاف)): هذا على أُصولهم أيضًا غيرُ مستقيم، فإنَّ مقتضاها وجوبُ الإنشاء إذْ لولا مصلَحة اقتَضت الإنشاءَ لما وقعَ، وتلك المصلحةُ تُوجبُ متعلِّقها، فوَضَح أنَّ الزَّمخشريِّ لا إلى تَرقّى ولا على مذهب الاعتزالِ بَقِيَ.