[(أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)] ٣٧ [
ثم أنكر عليهم بأنهم قد علموا أنه هو الباسط القابض، فما لهم يقنطون من رحمته، وما لهم لا يرجعون إليه تائبين من المعاصي التي عوقبوا بالشدّة من أجلها، حتى يعيد إليهم رحمته.
[(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)] ٣٨ [
حق ذى القربى: صلة الرحم. وحق المسكين وابن السبيل: نصيبهما من الصدقة المسماة لهما. وقد احتج أبو حنيفة رحمه الله بهذه الآية في وجوب النفقة للمحارم إذا كانوا محتاجين عاجزين عن الكسب. وعند الشافعي رحمه الله: لا نفقة بالقرابة إلا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد احتَجَّ أبو حنيفةَ رضي الله عنه بهذه الآية في وُجوب النَّفقةِ للمَحارم إذا كانوا محتاجينَ) قال القاضي: وهو غير مُشْعِرٍ به ﴿وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾؛ أي: آتِهِما ما وُظِّف لهما منَ الزَّكاة، والخطابُ للنبيِّ ﷺ أو لمَن بُسِطَ له، ولذلك رُتِّبَ على ما قبله بالفاء.
وقال الإمام: لمّا بيَّن الله تعالى أنه يبسطُ [الرزق] ويَقدِر، فلا ينبغي أن يتوقَّفَ الإنسان في الإحسان، فإنَّ اللهَ إذا بَسطَ الرِّزقَ لا ينقصُ بالإنفاق، وإذا قَدَرَ لا يزداد بالإمساك.
وقلت: إنه تعالى لمّا حَكى في جنس الناس أنَّهم إذا أذاقَهم منه رحمةً فرحوا بها بَطِرِينَ أَشِرِينَ، وإنْ تُصبْهم سيِّئةٌ قَنَطُوا من رحمة الله، أَنكَر عليهم ذلك، ونَبَّههُم على أنَّ تلك الإذاقة والإصابة من بَسْط الله الرِّزقَ وقَبْضِه، وقال: فلا يكن منكم بَطَرٌ عند البَسْطِ بل