على الولد والوالدين: قاس سائر القرابات على ابن العم؛ لأنه لا ولاد بينهم. فإن قلت: كيف تعلق قوله: (فَآتِ ذَا الْقُرْبى) بما قبله حتى جيء بالفاء؟ قلت: لما ذكر أنّ السيئة أصابتهم بما قدّمت أيديهم،.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشكُروا اللهَ، وأنفِقُوا ممّا رَزَقكمُ اللهُ في سبيله ووَجْهِه، في الأقربينَ واليَتامى والمساكين ليزيدَكم من فَضْله، وتفوزوا بالفلاح عاجلاً وآجلاً، فلا يُوجد منكم يأس أيضًا عند القَبْض، بل ارجِعُوا إلى الله مُنيبينَ؛ لأنَّ ذلك من شؤم معاصيكم.
وإليه الإشارةُ بقوله: ((لما ذكر أن السَّيئةَ أصابتْهُم بما قدَّمت أيديهم أتبعَه ذِكْرَ ما يَجبُ أن يُفْعلَ وما يَجِبُ أن يُتركَ))، ولعلَّ وجهَ استدلال أبي حنيفة رضي الله عنه رتَّب الأمرَ بإيتاء ذي القُربى على الوَصْف المناسبِ، وهو إصابةُ السَّيئةِ باجتراحِ المعاصي بعد أن ضَمَّ معَ الإيتاء لفظة: ﴿حَقَّهُ﴾ فيكون للوجوب، وأيضًا علَّل إثبات الفلاح باسم الإشارة إلى ذلك الوَصْفِ، وهو إيتاءُ ذي القُربى.
والشافعيُّ رضي الله عنه رأى عطفَ ﴿وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ على ﴿ذَا الْقُرْبَى﴾ أمارةً لاشتراكهم في وُجوب الزَّكاة دُون النَّفقةِ؛ لأنَّ حُكمَ المعطوفينَ في النَّفقة خارجٌ بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ مَنِ استحقَّ الزَّكاة سَقَطت نفقتُه.
قوله: (قاس سائرَ القَرابات على ابنِ العَمَّ)، قال صاحب ((الهداية)): النَّفقةُ لكلِّ ذِي رَحِمٍ محرَّم منه، ويُعلَمُ منه أنَّ مَن كان ذا رَحِمٍ ولم يكن محرَّمًا كأولاد العَمِّ والخال، فلا تَجبُ النفقةُ عليه؛ لأنَّ الصِّلةَ في القَرابةِ واجبةٌ دونَ البعيدةِ.
وأمّا قول المصنف: ((للمَحارم إذا كانوا محتاجين)) فمحمولٌ على المَحارم من النَّسَبِ دونَ الرَّضاعِ والمصاهَرة؛ لأن سياقَ الكلامِ في ذي القربى.


الصفحة التالية
Icon