على أنه من كراهة الله بمكان. فإن قلت: لم وحد صوت الحمير ولم يجمع؟ قلت: ليس المراد أن يذكر صوت كل واحٍد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع، وإنما المراد أن كل جنٍس من الحيوان الناطق له صوت، وأنكر أصوات هذه الأجناس صوت هذا الجنس، فوجب توحيده.
[(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ)] ٢٠ [
(ما فِي السَّماواتِ) الشمس والقمر والنجوم والسحاب وغير ذلك (وَما فِي الْأَرْضِ) البحار والأنهار والمعادن والدواب وما لا يحصى، (وَأَسْبَغَ) قرىّ بالسين والصاد، وهكذا كل سيٍن اجتمع معه الغين والخاء والقاف، تقول في سلخ: صلخ، وفي سقر:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من الحيوان الناطِقِ) أي: ذي الصَّوت، يقال: مالٌ صامِتٌ، ومالٌ ناطِقٌ.
قوله: (صَوْتُ هذا الجنسِ، فوجبَ توحيده) يريد: أن التعريف فيه تعريفُ الماهيَّةِ والحقيقةِ من حيثُ هي هي، وتمييزها من بين سائر الحقائق؛ نحو: الرجلُ خيرٌ من المرأة، فلا معنى للجمع.
قال صاحب ((الفرائد)): فعلى هذا ينبغي أن يقال: ((لصَوْتُ الحمارِ))، ويمكن أن يُجابَ: أن المقصودَ في الجمع التَّتميمُ والمبالغةُ في التَّنفير، فإنَّ الصوتَ إذا تَوافقت عليه الحميرُ كان أنكَرَ.
قوله: (﴿وَأَسْبَغَ﴾، قرئ بالسِّين والصّاد) وبالصَّاد شَاذٌّ.
قال ابنُ جنِّي: هي قراءة يحيي بن عُمارة، وأصلُها السِّين إلا أنها أُبدلت للغَيْنِ صادًا، كما قالوا في سالغ: صالغ، وذلك أن حروفَ الاستعلاءِ تجذبُ السِّيَن عن


الصفحة التالية
Icon