وعن الضحاك: الظاهرة: حسن الصورة، وامتداد القامة، وتسوية الأعضاء. والباطنة:
المعرفة. وقيل: الظاهرة: البصر، والسمع، واللسان، وسائر الجوارح الظاهرة. والباطنة:
القلب، والعقل، والفهم، وما أشبه ذلك. ويروى في دعاء موسى عليه السلام: "إلهى، دلني على أخفى نعمتك على عبادك؛ فقال: أخفى نعمتي عليهم النفس". ويروى أن أيسر ما يعذب به أهل النار: الأخذ بالأنفاس.
[(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ الله قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)] ٢١ [
معناه أَيتبعونهم وَلَوْ (كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ) أى: في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب.
[(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى الله عاقِبَةُ الْأُمُورِ)] ٢٢ [
قرأ على بن أبى طالب رضى الله عنه: (ومن يسلم) بالتشديد، يقال: أسلم أمرك وسلم أمرك إلى الله. فإن قلت: ماله عدّى بـ (إلى)، وقد عدّى باللام في قوله: (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)] البقرة: ١١٢ [؟ قلت: معناه مع اللام: أنه جعل وجهه، وهو ذاته ونفسه سالمًًًا لله؛ أى: خالصًا له. ومعناه مع (إلى): أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه. والمراد التوكل عليه والتفويض إليه (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) من باب التمثيل؛ مثلت حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلى من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمورِ، ولم يَزلْ مُستَهجَنًا في الطِّباعِ، مُستَقْبَحًا في العقول، فنعمةُ الإسلامِ نعمةٌ جزيلةٌ، ونعمةُ التَّستُّرِ نعمةٌ جميلةٌ، وتلك مَوفُورة ظاهرةٌ، وهذه مَستورةٌ ساترة.
قوله: (الظاهرة: البصر) البَصَرُ: تحقُّقُ الشيء الباصِرَة، والنَّظر: تقليب الحَدَقةِ نحو المَرئيِّ التماسًا لرؤيته، والأعمى له نَظرٌ وليس له بَصَرٌ.


الصفحة التالية
Icon