[الله الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)] ٤ [
فإن قلت: ما معنى قوله: (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ)؟ قلت: هو على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معنى قولِه: ﴿مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾ أي: يقتضي، دليلُ الخطابِ أنَّ الله شفيعٌ، وكيف يَحسُن أن يُسمَّى شفيعًا؛ يدلُّ عليه قولُه: ((أي: ناصِرُكم على سبيل المجازِ)).
أجاب أن معنّى ﴿مِّن دُونِهِ﴾: المجاوزةُ عن رِضاه، يعني: ((دون)) هنا: بمعنى التَّجاوُز من شيءٍ إلى شيءٍ، قال الشّاعر:
يا نَفسُ مالَكِ دونَ الله من واقِ
أي: إذا تجاوزتِ وِقايةَ الله ولم تناليها لم يَقِكَ غيرُه، فـ ﴿مِّن دُونِهِ﴾ حالٌ من المجرور، والعاملُ الجارُّ والمجرورُ؛ أي: ما استقرَّ لكم مجاوِزينَ الله شفيعٌ يشفعُ لكم. ويجوز أن يكونَ حالاً من ﴿شَفِيعٍ﴾ قُدِّمت لكون ذِي الحالِ نَكرةً، و ((دون)) بمعنى: غير، والشَّفيعُ بمعنى الناصِر، فيكون عطفُه على ﴿وَلِيٍّ﴾ تتميمًا ومبالغةً؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [الشورى: ٣١].
والحاصل أنَّ الشَّفيع على الأوَّل: غيرُ الله، وعلى الثّاني: هو الله تعالى؛ على المجازِ، وبيانُ الاتِّصالِ ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ إلى قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾، وخصوصًا يتولى أمورَ معاشِكُم ومعادِكُم، فإنْ تجاوزتم عنه إلى وليٍّ وشفيعٍ لم تجدوا أبدًا، وهو المتولِّي وهو الشفيعُ والناصرُ لا غير.


الصفحة التالية
Icon